كتبت جويس الحويس في موقع JNews Lebanon
مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحزب الله ف تكثر التساؤلات حول إمكانية الوصول إلى حل سياسي مستدام. بالنظر إلى تعقيدات هذا النزاع وتداخل المصالح الإقليمية والدولية فيه، فإن أي محاولة لحله تحتاج إلى معالجة مجموعة كبيرة من العوامل السياسية والأمنية والجيوسياسية.
تحديات الحل سياسيأ
أ- التوترات الإقليمية والتأثيرات الخارجية
حزب الله ليس مجرد فصيل لبناني، بل هو امتداد مباشر للتأثير الإيراني في المنطقة. ومن هنا، فإن أي حل يتطلب انخراط إيران بشكل مباشر في المفاوضات، وهو أمر صعب في ظل تدهور العلاقات بين إيران والغرب، وخصوصًا الولايات المتحدة وإسرائيل. وبالتالي، فإن الحل يعتمد على رغبة إيران في التفاوض وتقديم تنازلات، وهي رغبة غير مؤكدة بالنظر إلى تمسك طهران بموقفها الإقليمي كقوة رئيسية.
ب. المصالح الإسرائيلية
إسرائيل ترى في حزب الله تهديدًا وجوديًا بسبب قدراته الصاروخية المتطورة والمواقع التي يتمركز فيها على الحدود اللبنانية. من جهة أخرى، لا ترغب إسرائيل في حرب طويلة الأمد بسبب التكاليف العسكرية والبشرية الباهظة، فضلاً عن التحديات السياسية الداخلية. وبالتالي، قد تفضل إسرائيل حلاً يعزز أمنها ويضعف حزب الله عسكرياً، لكن الوصول إلى مثل هذا الاتفاق يتطلب ضمانات أمنية قوية من الأطراف الدولية.
ج. الوضع الداخلي اللبناني
على الجانب اللبناني، يظل حزب الله لاعبًا رئيسيًا في السياسة اللبنانية، وقدرته العسكرية تجعل منه قوة صعبة التفاوض. وفي الوقت نفسه، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية طاحنة قد تجعل من الصعب على الحكومة اللبنانية فرض حلول على الحزب أو الدخول في مواجهات مباشرة معه. هذا المأزق يجعل الحل السياسي الداخلي متعثرًا إذا لم تكن هناك ضغوط إقليمية ودولية.
الأطراف الدولية ودورها في الحل
أ. الولايات المتحدة وأوروبا
تلعب الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في الصراع، إذ إنها تقدم دعمًا عسكريًا وسياسيًا قويًا لإسرائيل. ومع ذلك، فإن واشنطن قد تميل إلى الدفع نحو حل سياسي من أجل تخفيف التوترات في المنطقة ومنع التصعيد مع إيران. أما أوروبا، فتفضل دائمًا الحلول الدبلوماسية وتدعو إلى التهدئة عبر الأمم المتحدة أو من خلال المبادرات الدبلوماسية متعددة الأطراف.
ب. إيران وروسيا
إيران هي العامل الرئيسي الذي يجب التعامل معه للوصول إلى أي حل سياسي. موقف إيران يعتمد على توازنات متعددة، من بينها الملف النووي، وتدخلها في سوريا واليمن، وعلاقاتها مع الدول الخليجية. ومن هنا، فإن أي تسوية تتطلب مشاركة إيران بشكل مباشر أو غير مباشر. روسيا بدورها تلعب دورًا مهمًا كحليف لإيران وسوريا، وقد تلعب دور الوسيط في دفع طهران نحو مفاوضات إذا شعرت أن مصالحها في المنطقة ستتضرر من استمرار النزاع.
إمكانيات الحلول السياسية
أ. وقف إطلاق النار طويل الأمد
قد يكون أول خطوة نحو الحل هي الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، ربما من خلال الأمم المتحدة. هذا الاتفاق يمكن أن يشمل نشر قوات حفظ سلام دولية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية لضمان استقرار الوضع. ومع ذلك، فإن هذا الحل يعتمد على قبول حزب الله وإسرائيل لهذا الترتيب، وهو أمر غير مؤكد بالنظر إلى تاريخ عدم الثقة بين الطرفين.
ب. حل دبلوماسي عبر وساطة إقليمية
يمكن أن تلعب دول إقليمية مثل قطر أو تركيا دور الوسيط بين الطرفين. هذه الدول لديها علاقات جيدة مع إيران وحزب الله، وفي الوقت نفسه تحافظ على علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. يمكن أن تسعى هذه الوساطة إلى تسوية مؤقتة تهدف إلى نزع فتيل التوتر العسكري، وإطلاق محادثات حول نقاط الخلاف الأساسية مثل ترسيم الحدود ونزع سلاح حزب الله.
ج. حل شامل بمشاركة الأطراف الدولية
الحل الأكثر استدامة يتطلب توافقًا دوليًا وإقليميًا شاملًا، يشمل إصلاحات في لبنان لضمان استقلالية الحكومة من التأثيرات المسلحة، وتوفير ضمانات أمنية لإسرائيل من خلال اتفاقيات أمنية مدعومة دوليًا. قد تكون هذه التسوية جزءًا من إعادة هيكلة النظام الأمني في الشرق الأوسط ككل، بما في ذلك التفاوض على دور إيران في المنطقة.
التحديات المستقبلية للحل
رفض القوى الداخلية: حزب الله قد يرفض أي حل سياسي يقلل من قدراته العسكرية أو نفوذه السياسي داخل لبنان. وفي حال حدوث أي انقسام داخلي في لبنان، قد يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار البلاد بشكل أكبر.
غياب الثقة بين الطرفين: عدم وجود ثقة متبادلة بين حزب الله وإسرائيل يجعل من الصعب تنفيذ أي اتفاقيات مستقبلية، خاصة فيما يتعلق بنزع السلاح أو إعادة انتشار القوات.
التغيرات الدولية: التغيرات في السياسة الدولية، مثل الانتخابات في الولايات المتحدة أو إسرائيل، أو التغيرات في القيادة الإيرانية، قد تؤثر بشكل كبير على آفاق التوصل إلى حل دائم.
في النهاية، يبدو الوصول إلى حل سياسي للحرب بين إسرائيل وحزب الله معقدًا وصعبًا تحقيقه في المدى القريب. هناك تحديات كبيرة تتعلق بالتوازنات الإقليمية والدولية، والتأثيرات الداخلية لكل طرف. ومع ذلك، فإن الخيار العسكري طويل الأمد ليس خيارًا جذابًا لأي منهما، مما يجعل الحل الدبلوماسي، رغم صعوبته، الخيار الأمثل على المدى البعيد.