الإختصاصي والمعالج النفسي داني شربل
مفهوم المرونة هو في الاساس يستخدم في علم الفيزياء بحيث يصف الأجسام الصلبة التي تتعرض للضرب والصدمات ثم تعود الى شكلها الاساسي .
قام عالم النفس الفرنسي بوريس سيرولنيك بادخال هذا المفهوم في مجال الصحة النفسية وعرفها على الشكل التالي : المرونة النفسية هي قدرة الفرد على استيعاب والتعامل مع الضغوطات وقدرته على التأقلم وسط المحنة , المرونة النفسية هي القدرة على السباحة في مياه عاكرة وهائجة.
المرونة النفسية هي قدرة الفرد على التعامل مع الضغوطات بصرف النظر عن المفاهيم الاخرى كالجرأة والصلابة والقوة العقلية , فالبعض قد يمتلك صلابة عقلية لكنه لا يمتلك مهارات التعامل مع الضغوطات , بالتالي , يظل عرضة للاعراض الناجمة عن الضغوط , فالصلابة العقلية والجرأة لدى فرد معين قد لا ينفعان لا بل يكونا عائقان امام مهارات التعامل مع الضغوط اي المرونة التفسية.
هل المرونة النفسية تكتسب بالوراثة؟
قد تكون العوامل الوراثية لها صدى في هذا الاطار ولكن بنسبة قليلة , في الغالب تبقى المرونة النفسية مكتسبة من خلال التربية وحوادث الحياة وقد يكون للضغوطات أثر ايجابي لأنها تمكن الفرد من تعلم واكتساب مهارات التعامل مع الضغوط .
دراسة علمية تثبت ان المرونة النفسية هي في الغالب مكتسبة من خلال التربية.
قام عالم النفس اومولومو بأجراء دراسة علمية شملت عينتين كبيرتين من النساء الكاميرونيات المتعلمات ,وغير المتعلمات الذين لايزالون يعيشون مع أزواجهم ولا يعملون بعدد 1005 امرأة , أثبت من خلالها أنه هناك ثلاث عوامل تساعد على تعزيز المرونة النفسية لدى المرأة الكاميرونية هي التعليم , الحياة التشاركية والقدرة على الدخول في مجال العمل, استعمل اومولومو عدة مقاييس علمية في دراسته أبرزها: السلم الاجتماعي النفسي لقياس المحنة , مقياس بيك للاكتئاب, ومقياس المرونة لويغلنارد ويونغ.
تعلم المرونة!
التعلم من خلال الصدمات والضغوط , تعلم كيفية ادارة مشاعرنا وافكارنا, العقلنة , التنفيس الانفعالي عبر اللجوء الى صديق حميم أو معالج , وعي افكارنا الغير عقلانية أثناء الصدمة , الاحتواء الاجتماعي والعائلي أثناء الضغوط , الغذاء الصحي , النوم الكافي , التأمل , الرياضة .
يلعب التدخل الاجتماعي دورا اساسيا في هذا الاطار فالدعم الاجتماعي للفرد الناجي من صدمة معينة يشعره بأنه مسموع وبأنه محاط على الصعيد العاطفي والنفسي وهذا ما يدعم احترامه وثقته بنفسه وهذا ما يساهم في تخطي الازمة كما وانه يوفر المساعدة المادية والعينية للناجين من الحوادث والصدمات , يلعب الدعم المجتمعي دورا ايضا في انشاء شبكة أمان للفرد الناجي عبر القيام بنشاطات دعم نفسي وتثقيف نفسي يمكن الفرد من اكتساب مهارات التعامل مع الضغوطات مثلا : جلسات أدارة القلق.
كيف نعزز مرونتنا النفسية؟
يمكن تعزيز المرونة عبر عدة خطوات اولا : أهمية وعي مشاعرنا وردود أفعالنا وأفكارنا الغير عقلانية أثناء الضغوط ومحاولة استبدالها بأنماط تفكير عقلانية وصحية تمكننا من التعامل مع الضغوط في المستقبل بشكل صحي ومرن أكثر , التعبير عن المشاعر التي رافقت الاحداث الضاغطة عبر اللجوء الى صديق حميم أو معالج نفسي , أيضا ممارسة الرياضة , الترفيه , الاكل الصحي , التأمل والنوم الكافي فهذا من شأنه أن يخفف القلق ويعدل المزاج .
دور الأهل.
يلعب الأهل دورا مهما من خلال التربية في تعزيز المرونة النفسية لدى الاطفال فالدعم العائلي مهم للغاية وتعليم الطفل تدريجبا انماط تفكير صحية وعقلانية كما تجنب المشاكل العائلية والزوجية وعدم أقحام الطفل في مشاكل الدينامية العائلية (طلاق,انفصال , خسارة…) , كما مساعدة اليافعين على الاستقلالية الذاتية في حل المشاكل والضغوطات وعدم التدخل المفرط في شؤون الولد يساعد على تعزيز المرونة النفسية وتكوين أنا ناضج يستطيع استيعاب وتحمل مشاكل الحياة .