<span;><span;>كتب علي زين الدين في “الشرق الأوسط”:
<span;>حذّر تقرير دولي من سلوك لبنان «السيناريو المتشائم»؛ حيث تتمحور الافتراضات حول عدم قيام الحكومة بتطبيق الإصلاحات الضرورية المطلوبة، ما سيلغي الاتفاق مع صندوق النقد، وسيتسبب في استنزاف احتياطات مصرف لبنان، وفي ارتفاع نسبة الدين إلى ما يفوق 200 في المئة من الناتج المحلي. وبالتالي سيتم تصنيف لبنان دولة فاشلة (Failed State)، كما هي حالة فنزويلا والصومال وسيريلانكا أخيراً.
<span;>وسيكون خطر تفكك لبنان، في إطار هذا السيناريو، مرتفعاً جداً، ومعززاً بتوقعات تسجيل انكماش إضافي للناتج المحلّي الإجمالي، وتدهور أكبر في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي إلى 40 ألف ليرة، مع نهاية العام الحالي، وإلى 110 آلاف ليرة مع نهاية عام 2026؛ حيث نبّه التقرير إلى أن حالة الشلل السياسي التي تمر بها البلاد ستؤخر تطبيق الإصلاحات المطلوبة لتحرير مساعدات مالية بقيمة تصل إلى 15 مليار دولار، على فترة 4 سنوات من المجتمع الدولي، بينها 3 مليارات من صندوق النقد، ونحو 12 مليار دولار كالتزامات من الدول المانحة في مؤتمر «سيدر».
<span;>وفي المقابل، يفترض «السيناريو المتفائل»، وفق التقرير الأحدث لمعهد التمويل الدولي، الصادر قبل أيام بعنوان «تراكم التحديات»، أن تلتزم السلطات بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية الملحة، والتي من شأنها تحرير المساعدات المالية الخارجية. وبذلك يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 6 في المئة في عام 2023، وإلى 8 في المئة في عام 2024، في حين يتراجع مستوى التضخم إلى ما دون 100 في المئة بين عامي 2023 و2024 ودون 10 في المئة بين عامي 2025 و2026، نتيجة تحسّن قيمة الليرة مقابل الدولار، وتوحيد سعر الصرف، وتراجع أسعار السلع.
<span;><span;>استتباعاً، يمكن أن تكفل الإصلاحات تسجيل فائض أولي في موازنة عام 2023 وما بعد؛ حيث من المتوقع أن تتعافى إيرادات الدولة من 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 إلى 17 في المئة في عام 2026، علماً بأن برنامج صندوق النقد من شأنه أن يضع دين لبنان على مسار انحداري. وبالمحصلة قد يتمكن لبنان من استعادة مستوى الناتج المحلي الإجمالي، ويستعيد رقم 53 مليار دولار خلال فترة 4 سنوات
<span;>وإذ يتم تقييم توقعات الحكومة على المدى المتوسط بالمتحفظة جداً، تلفت المؤسسة الدولية إلى أن الاقتصاد قد يتعافى بشكلٍ سريع، في حال تمّ تطبيق الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، وفي حال تأمين المساعدات الماليّة خلال الفترة بين 2023 و2026. فالتدفقات الدولية الموعودة توازي نسبة 70 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي للعام الحالي البالغ حالياً نحو 22 مليار دولار.
<span;>وأشار التقرير إلى وجوب تشكيل «حكومة وفاق» لا تتأثر بالخلافات السياسية، من أجل تطبيق الإصلاحات اللازمة، ومن ضمنها التدابير التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق، ما سيعزز الثقة على الصعيدين المحلي والدولي. وبالتالي عودة الاقتصاد إلى النهوض؛ حيث ترتفع توقعات النمو إلى 3 في المئة خلال العام الحالي، بدعم من حركة سياحية قوية، رغم استمرار ارتفاع معدل التضخّم من 96 في المئة إلى 156 في المئة، بسبب تدهور سعر صرف الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار، وارتفاع أسعار المأكولات والمحروقات.
<span;>كما دعا إلى تطبيق بعض الإصلاحات الأساسية التي تمت مناقشتها مع صندوق النقد بأسرع وقت ممكن، حتى لو لم تُشكل حكومة، وفي مقدمها الموافقة على قانون طارئ لتسوية قضايا المصارف، واعتماد قانون السرية المصرفية المعدل، واستكمال التدقيق الجنائي لمصرف لبنان، وتوحيد أسعار الصرف، والموافقة على مشروع موازنة عام 2022 لاستعادة الاستدامة المالية، وتحضير وموافقة الحكومة على إطار مالي متوسط المدى، واعتماد قانون «كابيتال كونترول» رسمي.
<span;>وربطاً بمؤشري العجز: في الحساب الجاري البالغ 2.7 مليار دولار، وفي صافي الرساميل البالغ 2.3 مليار دولار، يرتقب أن تصل احتياطات مصرف لبنان من العملات الصعبة، والتي تستثني الذهب وسندات اليوروبوندز، إلى 9 مليارات دولار بنهاية العام الحالي؛ علماً بأن أحدث الإحصاءات العائدة لمنتصف الشهر الحالي تبيّن فعلياً وصول الاحتياطي إلى مستوى 10 مليارات دولار، مع تسجيل نزف تعدى 2.5 مليار دولار من بداية العام الحالي.
<span;>وبالنسبة للخيارات الآيلة إلى تسهيل عملية سحب الودائع، كتأمين جزء كبير من الودائع بالعملة الأجنبيّة بالليرة اللبنانيّة، في إطار اتفاق شامل مع صندوق النقد، لاحظ التقرير إلى أنّ هذا الاتفاق سيزيد من مستوى الثقة، الأمر الذي سيضع لبنان على مسار التعافي الاقتصادي، وسيساعد في تأمين استقرار في سعر الصرف الموحّد عند مستوى أفضل من سعر الصرف المعتمد في السوق السوداء.
<span;>وفي مقاربة لتوجهات خطة الحكومة بتحميل المودعين حصة وازنة من أعباء الفجوة المالية البالغة نحو 73 مليار دولار، لفت المعهد الدولي إلى إمكانية تعديل نسبة الاقتطاعات على الودائع، وبحيث يتم تحميل الحكومة ومصرف لبنان جزءاً أكبر من الخسائر المالية. وذلك بخلاف ما تقترحه مذكرة السياسات المالية بشطب 60 مليار دولار من توظيفات البنوك لدى البنك المركزي. كذلك، فإن الإفراج عن مساعدات صندوق النقد قد يساعد مصرف لبنان على تأمين سيولة كافية بالليرة اللبنانيّة للمصارف، ما سيسمح لها بأن تلبي الطلب على السحوبات بالليرة، مع التنويه بأن حصة كبيرة من الودائع بالعملة الأجنبية والعائدة لفئة تمثل 5 في المئة من الودائع الكبيرة التي تتعدى 200 ألف دولار، يمكن استعادتها من خلال صندوق لاستعادة الودائع، والذي سيحمل شهادات إيداع تصدرها المصارف مقابل حساباتها مع مصرف لبنان، مربوطة بمتوسط فائدة بنسبة 4 في المئة يدفعها البنك المركزي وتودع في الصندوق. وبالإضافة، يمكن تسديد جزء من الودائع الكبيرة من خلال تحويل 50 في المئة من أي فوائض أولية متوقعة في الموازنة والتي يتم تحويلها إلى الصندوق.
-
<span;>وكشف التقرير عن خيارات أخرى لتعزيز موجودات الصندوق، كتقديم الحكومة تلزيمات لشركات دولية، لإعادة بناء وإدارة مرفأ بيروت على فترة 20 عاماً، وإنشاء صندوق عقاري وطني، والذي ينتج أرباحاً كبيرة في حال تمت إدارته بشكل فعال.