يمكن اختصار المشهد اللبناني وتطور الاحداث خلال اليومين الماضيين بكثير من القلق اذ لا يمكن الركون الى الابتسامة العريضة التي رسمها السفير الاميركي الى تركيا والمبعوث الخاص في سوريا توم باراك خلال لقاءاته في بيروت، وهو بدبلوماسيته المعهودة ومهمته التي لا تُختصر في لبنان فقط لا بد وانه يحمل الكثير من الافكار واستشراف خاص ودقيق لتطور الامور في المنطقة، وعليه يمكن الانطلاق من عبارته “الفرصة الاخيرة للبنان” وما تحمله من تحذير عالي السقف وقلق من الرد الاميركي ونفاد صبر ترامب ومعه تهور نتنياهو.
بالرغم من التفاؤل الذي اشيع اثر اللقاءات، الا ان الرئاسات الثلاثة فهمت فحوى عبارة باراك فالتفاهم حول السلاح وتسليمه او حصريته هو شأن لبناني، والاتفاق كما يقول العهد الجديد يجب ان يكون لبنانيا اولا، مع ما يعنيه ذلك من عودة المناكفات في ظل الانقسام القائم، وتذهب بعض التحليلات الى اعتبار ان “المشكل لبناني” وعلى الداخل ترتيب بيته بما يتناسب مع تطورات المنطقة.
القلق اللبناني سينسحب على مدى الاسبوعين المقبلين وربما اكثر، الى حين عودة السفير باراك الى بيروت، بعد “التفكير” وقراءة النص اميركيا وتجهيز الرد، ومبعث القلق هو مدى القدرة على ضبط رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
الساعات الماضية كانت استثنائية ومفصلية، وما يمكن استخلاصه هو ان حزب الله لا يريد الحرب مع اسرائيل لكنه يريد فرض شروطه كثمن للحرب التي خاضها فلا مجانية للخسائر التي تكبدها وهو يريد فرض حضوره السياسي في الداخل وتجديد هيبته كذلك امام بيئته، وهو يعتبر ان تقديم التنازلات بتسليم سلاحه بمثابة استسلام يقيده ويجعله ضعيفا في خضم المفاوضات الجارية لاعادة رسم موازين القوى في المنطقة والممتدة من طهران الى بيروت. والى حين جلاء المواقف يبدو ان المرحلة المقبلة على درجة عالية من الدقة والخطورة او كما وصفها السفير باراك “الفرصة الاخيرة للبنان”.
وبحسب اوساط مطلعة فإن حزب الله مصرّ على شطب عبارة “سحب السلاح وتسليمه” من الصيغة الاميركية الاسرائيلية بل حصرية السلاح وهو لن يتنازل عن بعض سلاحه الثقيل الموجّه بقرار ايراني، كل ذلك يتطلب “صبرا استراتيجيا” في حين ان المرحلة تحتاج الى حسم وتنازلات غير مشروطة من لبنان للسير في ركب التطورات الجارية واعادة رسم خريطة المنطقة، ومقولة “الشيطان يكمن في التفاصيل” قد تفجر الحرب في اية لحظة، وعلى اللبنانيين الاستعداد دائما.