فيما انتقلت المتهمة بشبهة تقاضي رشاوى مالية مقابل معادلة شهادات لطلاب عراقيين أمل شعبان، من سجن بربر الخازن، إلى سجن الضباط في الأمن الداخلي، وكانت قد هيأت لها العاملة الأجنبية خاصّتها مربع التوقيف واستُقدمت من منزلها لتنظّف لها مكان احتجازها الجديد على أنه مكان إقامة بخدمة “خمس نجوم”… حضر من يظنون أنه كشف فساد “لوبي شعبان”، الموظّف في وزارة التربية علي محمد فؤاد الغول اليوم إلى دوامه ليجد أن بصماته مرفوعة ومسحوبة عن جهاز تسجيل الحضور الالكتروني اليومي الخاص بالموظفين (جهاز التتكيس)، وتم ابلاغه شفهيّا أن وزير التربية (القاضي الإداري الواجب به احترام مشروعية القرارات الادارية) عباس الحلبي قد أصدر قرارًا “سياديّا” بفصله، متجاوزاً فيه حد السلطة الموكلة إليه لتصريف أعمال الوزارة.
هكذا ومن دون أي مسوّغ قانوني، ومن دون حصوله على النسخة الورقية الرسمية من قرار فصله الموقّع من الوزير، تبلّغ علي الغول أن الفريق التقني في الوزارة قد امتثل لقرار الحلبي التعسّفي وقام بشطبه “بشحطة قلم”.
ويقول الغول إنه لم يفهم في بادئ الأمر أنه قد تم فصله وتابع “ظننت أن هناك مشكلة بالماكينة، ومن ثم عدت عند الساعة الثالثة والنصف من بعد الضهر عند خروجي وحاولت “التتكيس” إلا أن الماكينة قد رفضت بصماتي كذلك، فأبلغني مسؤول الأمن أنه قد تم فصلي وأن قرار فصلي موجود حاليًا في مكتب الوزير الحلبي، سأمنع من دخول أروقة الوزارة التي عملت فيها لـ27 عامٍ بعد تبلّغي قرار الفصل، علمًا أنهم لا يمكنهم منعي من دخول أي مؤسسة عامة كمواطن مثلاً”
تبلّغ علي الغول هذا القرار التعسفي المفتقر إلى المشروعية لانحراف السلطة فيه، باعتباره لا يُستهدف من ورائه تحقيق مصلحة عامة بل يتوسَّل حتمًا من خلاله تنفيذ الإنتقام الشخصي لقضية “أمل شعبان” ومن باب “الكباش” السياسي الدائر حاليًا للملمة ما يمكن لملمته في الملف الفضائحي الذي يخفي بين طياته لوبي كبير من النافذين في الوزارة قد مرّروا آلاف المعادلات والمصادقات في التعليم ما قبل الجامعي التي ترأس شعبان أمانة سر لجنته.
والمستغرب في الموضوع أن “تيار المستقبل” المستنفر بإعلامه للدفاع عن شعبان من باب أن “شعبان تدفع الثمن وحدها، والمستقبليون مستهدفون” نجد أن إبن بيروت علي محمد فؤاد الغول ذاته، المحسوب على “سُنّة التربية” المستقبليّ قد تعرّض للضرب المبرح وللشتائم والإهانات والجرجرة منذ حوالي الشهر في كانون الأول من قبل مدير عام وزارة التربية ورئيس لجنة المعادلات عماد الأشقر وسائقه وأحد الموظفين، لأنه متهم بفضح ارتكابات شعبان و”عصابتها” في وزارة التربية، تماما كالموظفة ابنة بيروت “حسّانة شهاب” المحسوبة كذلك على “سُنّة التربية” المستقبليّة.
فٌصلت حسّانة شهاب بما في جعبتها من معلومات، واليوم فُصل دون تبليغه علي الغول بعدما ضرب جسديا و سُحب بعد الضرب للتحقيق عند مكتب أمن الدولة، ثم بعدها أحيل للتحقيق في المعلوماتية، ثم أُجبر الغول، على الاعتذار من المدير العام الذي اعتدى عليه!
وفي الحالتين، أبناء بيروت “المستقبليون السّنة” كبش فداء المجهول الذي يخفيه هذا الملف وما تعرفه شعبان.
ليس من باب المناطقيّة ولا الطائفية البحتة، بل من باب سرد الوقائع كما هي، فحسّانة شهاب وعلي الغول المفصولان، مشكوك بأمر تسريبهما لفضائح السماسرة ومعقبي المعاملات في ملف “شهادات الطلاب العراقيين” وليسا محظيّان بشبكة علاقات سياسية واسعة كالموقوفة المتهمة أمل شعبان ابنة راس بعلبك وبكونها ابنة أخ مستشار رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في روسيا جورج شعبان.
فهل سيهبّ “تيار المستقبل” لمساندة المتهمين بكشف الفساد في وزارة التربية… كما هبّ لمساندة المتهمة بالفساد؟ أيهما أحق بالدفاع عنهم: المتهم بالفساد أم الدال عليه؟
وأليس غريبًا أن سلطة وزير تصريف الأعمال في وزارة التربية، عباس الحلبي، الاستنسابية الواجب استعمالها وفقاً للقانون وليس وفقاً لمن يكشف الفساد، لم تُطبّق حتى الساعة على الموظف رودي باسيم الذي اعترف بملئ إرادته أنه تقاضى رشاوى لصالح أمل شعبان؟ وباسيم لا يزال موظفًا بينما شهاب والغول فُصلا؟ وهل الحزب الإشتراكي على علم باستهداف البيارتة كاشفي الفساد في الوزارة؟ أم أن القرار متخذ من تيار المستقبل ذاته؟ وماذا عن الموظفة نادين منذر “الإشتراكية” المذكورة في قرار القاضي بيرم الظني والتي لم يفصلها الوزير الحلبي عن العمل ولم تمتثل للقضاء حتى الساعة؟
قرار جديد للوزير الحلبي، يوجب كسره وابطاله وايقاف تنفيذه من القضاء الاداري المؤتمن على رقابة مشروعية القرارات الادارية لما فيه من استنسابية وإجحاف، فحتى ولو كان علي الغول كاشفًا للفساد، فهناك قانون يحميه. ومن غير المقبول أن يأتي قرار الحلبي ليكرس الظلم إسكاتاً لأي موظف يفكّر حتى في محاربة الفساد (هذا إذا افترضنا أن الموظف الغول فعلا قد سرّب أي معلومة