كتبت ريتا فؤاد في موقع الجزيرة
رغم المنافسة الدرامية الشديدة في الموسم الرمضاني، نجح الجزء الثالث من مسلسل “للموت 3” في تصدر قائمة الأعلى مشاهدة في دول عدة مثل السعودية وليبيا والعراق والكويت والجزائر وفرنسا فور بداية عرضه أول رمضان الجاري، في حين أشاد به بعض النجوم عبر صفحاتهم الشخصية بمنصات التواصل الاجتماعي مثل الفنانة الإماراتية أحلام والفنانة اللبنانية نوال الزغبي، الذين أكدوا أن الموسم الثالث أقوى من الثاني.
نهاية أم بداية؟
عُرض الجزء الأول من المسلسل اللبناني “للموت” في سبتمبر/أيلول 2021، وحقق وقتها نجاحا ملموسا، حتى إن الكثيرين من غير متابعي الدراما اللبنانية تحمسوا لمشاهدته فور انتهائه، الأمر الذي شجع صانعيه لتقديم جزء ثان عُرض خلال الموسم الرمضاني بعام 2022.
وتماما مثل الموسم الأول، حاز مسلسل “للموت 2” على مشاهدات هائلة، قبل أن ينتهي موحيا بإتمام الحكاية، إذ مات الأبطال الرئيسيون ووصلت القصة لآخرها، مما أحبط الجمهور الذي كان يُمنّي نفسه بجزء آخر.
لذا كانت مفاجأة سعيدة لكثير من متابعي المسلسل، حين أُعلن بعد عدة أشهر بدء التحضير لموسم ثالث على أن يُعرض برمضان 2023، وهو ما أثار الكثير من الجدل والتساؤلات فمن جهة لم يستطع أحد استنباط كيف ستعود بطلتي المسلسل من الموت، ومن جهة أخرى صاحب انتشار الخبر، إعلان الممثل السوري محمد الأحمد، بطل العمل، انسحابه من استكمال المسلسل لانشغاله بمشروع درامي آخر، مما كان يعني عدم استمرار الخط الدرامي الخاص به وهو الأهم خلال الموسمين السابقين.
دراما متصلة منفصلة
وبسؤال نادين جابر، مؤلفة الأجزاء الثلاثة، عن تجربة كتابة الموسم الحالي، أكدت في تصريحات صحفية أنها لم تكن تنوي كتابة جزء جديد بعد الموسم الثاني، لكن نجاح العمل وإلحاح جهات الإنتاج ومنصات التواصل عليها دفعها لطلب مهلة للتفكير.
وبعد ما يقرب من شهرين، أعلنت نادين استعدادها خوض التجربة، ولكن لضمان استمرار النجاح، قررت نقل الأحداث من لبنان إلى تونس واللعب على فكرة الفرص الجديدة التي تمنحها الحياة للبشر، مع إضافة خطوط درامية جديدة وبالتبعية نجوم آخرين، إيمانا منها بأن ذلك من شأنه خلق حالة إثارة جديدة وإجبار المشاهدين على استمرار المتابعة حتى النهاية.
وهو ما وصفته جابر بالإطار الدرامي المتصل-المنفصل للعمل، مؤكدة استمرارها بالتركيز على الأدوار النسائية الملهمة وذات الثقل الدرامي، مع حرصها على طرح قضايا متنوعة تهم المرأة ضمن مسلسلاتها. بجانب مجموعة من القضايا الاجتماعية على رأسها ظاهرة الأطفال المتسولين في الشوارع وكيف من شأن تلك التجربة التأثير على حياتهم ومستقبلهم حتى ولو وُجد مَن ينتشلهم من تلك الحياة العصيبة بعد فترة من الوقت، وكذلك الإشارة إلى قضايا سياسية تستعرض الوضع السيئ الذي وصل إليه لبنان.
قصة جديدة وطاقم مختلف
لكل ما سبق، ضم العمل مجموعة من الطاقم القديم على رأسهم المخرج فيليب أسمر وشركة الإنتاج “إيغل فيلمز” ومن الأبطال: ماغي بو غصن، دانييلا رحمة، كارول عبود، فادي أبي سمرا، رندة كعدي، وسام صباغ.
في حين انضم إليهم نجوم كبار آخرين أهمهم من لبنان النجمة ورد الخال، ومن سوريا كل من يامن حجلي، ومهيار خضور، وفايز قزق الذي أبدع في رمضان الماضي خلال مسلسل “كسر العضم”.
أما الحبكة فبدأت بنجاة كل من سحر وريم من الموت غرقا بأعجوبة، وقرارهم تزييف موتهم في لبنان والهرب إلى تونس والبدء من جديد بعيدا عن حياة الجريمة والخداع التي اعتادوا عليها.
ومع أنهم ارتضوا الحياة بالقرب من خط الفقر رافضين العودة إلى طرق الكسب السريع غير المشروعة، لكن سرعان ما تتقاطع طرقهم مع بعض الفاسدين الذين يجبرونهما على العمل معهم ومواجهة تحديات جديدة، ومن ثمّ تتوالى الأحداث بالتوازي مع استمرار الخط الدرامي القائم في لبنان.
وعود ولكن
من جهته وعد المخرج فيليب أسمر الجمهور بصورة ومشاهد تحمل روح هوليود، واستغلال الإنتاج الضخم لتقديم مستوى عالمي سواء على مستوى الإخراج أو الصورة، وهو ما أشاد به الجمهور بالفعل بعد طرح المسلسل، حتى إن المشاهدين التونسيين طالبوا مخرجي ومنتجي تونس بمشاهدة العمل والاستفادة من التجربة لصالح الدراما التونسية.
ونجح العمل في الحفاظ على مسيرة ناجحة بفضل المستوى العالي من الإثارة خلال ما عُرض من حلقات، في ظل تمكن غالبية النجوم من إجادة أدوارهم خاصة الجدد منهم.
في المقابل، يرى البعض أن العمل غير مناسب للعرض خلال رمضان، بسبب جرأة المحتوى من جهة، ومن جهة أخرى لابتعاد المسلسل عن عادات وقيم المجتمع العربي وتبريره اللجوء إلى العنف أو ارتكاب الجريمة، الأمر الذي أثار تساؤلا مهما ومشروعا: هل المرأة العربية هي من تظهر حقا في العمل؟
وفي ظل تلك التقييمات المتفاوتة، لا يتوقف الجمهور عن محاولة استنباط الإجابة ومعرفة هل تنتهي رحلته مع ثلاثية “للموت” خلال أيام أم يُمكنهم مشاهدته في رمضان المقبل، للسنة الرابعة على التوالي؟