يستمر سعر صرف الدولار في السوق السوداء بتسجيل أرقاماً قياسية، ليزيد من الأثقال والأزمات الإقتصادية والإجتماعية والمالية المتراكمة على اللبنانيين، من دون وجود أي حلول في الأفق. فما مصير الدولار في الأيام المقبلة؟ وهل “للمركزي” قدرة على لجم سعره في السوق السوداء؟!
أكّد الصحافي الإقتصادي خالد أبو شقرا, أن “هناك عاملان أساسيان يؤثران على سعر صرف الدولار في الأزمة اللبنانية منذ بدايتها في العام 2019 كما أثبتت التجارب”.
وفي حديث إلى “ليبانون ديبايت”, يوضح أن “السبب الأوّل يتعلّق بالثقة وغياب الإصلاحات وعدم إنتخاب رئيس للجمهورية, وبالتالي عدم وجود حكومة فاعلة, إضافة إلى إقفال المصارف وتهديد بالعقوبات الدولية على خلفية تهم بتبييض الأموال وغيرها, وملاحقة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بهذه التهم, إضافة إلى المشاكل بين القضاء والمصارف من جهة وبين المودعين والمصارف من جهة ثانية, معتبراً أنها عوامل سلبية جداً تؤثر في عدم إستقرار سعر الصرف”.
أما السبب الثاني, “فيتحدث عن مؤشرات إقتصادية ومالية ونقدية تذهب بسعر صرف الدولار نحو مسار تصاعدي, ولعلّ أهم هذه المؤشرات هو التضخّم الكبير بطبع الليرة اللبنانية لتمويل نفقات الدولة العاجزة”.
ويكشف أن “السيولة تقدّر بحسب المصرف المركزي أكثر من 80 ألف مليار ليرة, وطبعا هذه السيولة تتحوّل إلى طلب على الدولار بشكل مباشر وغير مباشر وبالتالي تتسبب بمزيد من الطلب على الدولار”.
وتناول ما تضمنته موازنة 2022, ويصفها بالموازنة التضخميّة لأن فيها الكثير من النفقات حيث تم زيادة الرواتب والأجور إلى حوالي 39 ألف مليار ليرة وزيادة بدل النقل, وبالرغم من ذلك لا زالت إدارات الدولة معطّلة نتيجة ذوبان قيمة هذه المساعدات, واليوم هناك مطالبة مرة جديدة في زيادة الأجور مرّتين وبرفع بدل النقل, وأيضا زيادة التقديمات الإجتماعية والصحية وبالتالي هذه العوامل ستؤدي في حال تحققت إلى طباعة المزيد من الليرة لتمويل هذه النفقات وستؤدي إلى مزيد من إرتفاع في سعر صرف الدولار”.
ويشدّد على أن “هناك غياباً للإصلاحات في القطاع المصرفي, وعدم وجود سعر صرف موحّد فهناك سعر 15000 ألف وسعر صيرفة وأيضا سعر السوق السوادء, ويبدو هناك مصلحة أن تبقى نسبة الـ haircut من الودائع مرتفعة ولذلك سيبقى هناك أكثر من سعر, وكل هذه العوامل هي عوامل ضاغطة ومؤثّرة على سعر صرف الدولار”.
وعن الإجتماع الذي سيعقد اليوم في المركزي لمحاولة لجم سعر صرف الدولار؟ يقول أبو شقرا: “العامل النفسي ممكن أن يلجم الدولار, فرأينا تدخّلاً للمركزي ثلاث مرات في السابق، المرة الأولى قام بإجراءات فعلية, أما في المرتين الآخريين قام بإجراءت معنوية أكثر منها واقعية ولمسنا إنخفاضاً في سعر الصرف تلاه إرتفاعاً سريعا لأن قدرة المركزي على التدخّل محدودة جدا”.
وينبّه إلى أن “أي خطوة قد يقدم عليها المصرف المركزي لن يكون لها مفعولاً مستداماً بل سيقتصر هذا المفعول على أسبوع او اسبوعين قبل أن يعاود الدولار إرتفاعه”.