كتبت ملاك عقيل في أساس ميديا
يُتوقّع في الأيام المقبلة إصدار المجلس الدستوري نتائج الدفعة الثانية من الطعون النيابية وعددها عشرة طعون.
يَجزم المرشّحون الذين تقدّموا بطعون عدم “امتلاكهم لـ “فتفوتة” معلومة بسبب السرّيّة التي تغلّف مداولات المجلس”، لكنّهم يرتاحون إلى فرضية أنّ صدور النتائج أقلّه على دفعتين يعني أنّ بعض الطعون “جدّيّة وصَلبة وأخذت وقتاً، وفرض بَعضها إعادة فرز الأصوات في بعض الصناديق المشكوك في أمرها وإعادة احتساب الأصوات”.
يبقى من المؤكّد، وفق معلومات “أساس”، حصول إعادة فرز للأصوات في طرابلس والمتن وكسروان، وتمّ استدعاء من يجب الاستماع إليهم، وهذا ما أدّى إلى تأخّر صدور نتائج كلّ الطعون نهاية شهر تشرين الأول كما كان متوقّعاً، مع العلم أنّ المجلس الدستوري لا يزال يعمل ضمن المهلة القانونية المنصوص عنها في القانون بدءاً من تسلّم المجلس الطعون ومهلة الثلاثة أشهر للمقرّرين ثمّ المذاكرة.
يقول مصدر مطّلع لـ “أساس”: “لناحية الطعن المقدّم مثلاً من فيصل كرامي في طرابلس تمّ الأخذ بكلّ الأدلّة المقدّمة لناحية “الشهود” والقضاة الذين أُشير إلى أسمائهم في الطعن، وجرى الاستماع إليهم أكثر من مرّة، إضافة إلى إفادات النواب المطعون بنيابتهم من قبل كرامي”، مشيراً إلى أنّ “السياق الذي كانت تجري فيه الأمور بعيد نسبيّاً عن الشبهات، إذ أخذ القضاة تقريباً بكلّ الحيثيّات التي قدّمها النائب السابق فيصل كرامي”.
فرز 62 قلم اقتراع في المتن
في المتن، أُعيد فرز الصناديق في 62 قلم اقتراع بعدما تبيّن في الوثائق المرفقة بالطعن المقدّم من المرشّح جاد غصن وجود فارق كبير في المحاضر بين الفرز الأوّلي في القرى والفرز النهائي في قصر العدل، وتبيّن وجود العديد من الإشكالات والشوائب، ورشى مثبّتة ضدّ النائب الياس حنكش، وتناقض في كيفية احتساب الأوراق الملغاة لدى القضاة أنفسهم.
سبق لرئيس المجلس الدستوري، الذي يشهد الجميع تقريباً على نزاهته وشفافيّته، أن أوضح في حديث سابق للزميلة “النهار” أنّه “حصل أن ألغيت صناديق اقتراع أحياناً لتأخّر وصول الصندوق أو لوجوده مفتوحاً. في حالة من هذا النوع يصار الى إحضار الصندوق وإعادة عدّ الأصوات ومطابقتها مع لوائح الشطب ولوائح الفرز، فإن وجدنا بعد التدقيق أنّ كلّ الأسماء الواردة فيها موقّعة ووجدنا عدد الأوراق في الصندوق مطابقاً لعدد المقترعين والأوراق البيضاء والملغاة، نعيد احتساب الصندوق ونضيفه إلى النتيجة بإعلان فوز المرشّح أو خسارته”.
“شربوكة” طرابلس
كمثال عن “الشربوكة” التي قد تحصل بقبول طعن مرشّح ضدّ أكثر من نائب في ظلّ نظام نسبي معقّد وغير عادل، فإنّه إذا قُبِل طعن فيصل كرامي لجهة احتساب أصوات إضافية أو أوراق ملغاة (أمور تقنية) يخسر النائب رامي فنج نيابته ويُعلَن فوز كرامي بالمقعد السنّيّ، ويخسر فراس سلّوم صفته النيابية وينجح العلوي على لائحة النائب فنج المرشّح حيدر آصف ناصر.
في حال قُبِل الطعن الذي يتعلّق بإعطاء رشى سيكون هناك سيناريوهان: في الأوّل تُلغى أصوات بعد التأكّد من عملية “شرائها” (نحو 400 أو 500 صوت)، وهذه الأصوات تُحذف من لائحة إيهاب مطر التي تخسر حاصلاً، فتثبّت نيابة كرامي مكان النائب فنج، ويخسر سلوم مقعده. في السيناريو الثاني إذا قُبِل الطعن بالمطلق (سيناريو مستبعد) لناحية الرشى وأُلغيت نيابة إيهاب مطر، يخسر الأخير مع فراس سلوم نيابتَيْهما، ويحافظ فنج على مقعده، ويفوز فيصل كرامي، ويفوز بدر عيد على لائحة مصطفى علّوش!!
هل يخسر أغوب بقرادونيان مقعده؟
أمّا في المتن، فإن إعلان فوز جاد غصن مثلاً يعني أنّ اللائحة المرشّح عليها باتت تملك حاصلاً، وهو ما يعني خسارة رازي الحاج عن المقعد الماروني على لائحة القوات. لكن في الوقت نفسه تملك لائحة الطاشناق-المر حاصلاً وفاصلة، بحيث ستذهب الكسور إلى اللائحة التي باتت تملك حاصلاً، فيسقط نائب الطاشناق آغوب بقرادونيان ويفوز المرشح الأرمني على لائحة القوات.
ردّ خمسة طعون
وكان المجلس الدستوري ردّ خمسة طعون من أصل الـ 15 في 20 تشرين الأول ضمن الدفعة الأولى، وهي عائدة لكلّ من بول حامض ضدّ نيابة الياس الخوري في طرابلس، محمد شفيق محمود ضدّ بلال الحشيمي في زحلة، إبراهيم عازار ضدّ سعيد الأسمر وشريف مسعد في جزّين، مطانيوس نقولا محفوظ ضدّ جميل عبود في طرابلس، ومروان خير الدين وكتلة “الأمل والوفاء” ضدّ فراس حمدان في حاصبيا- مرجعيون.
كانت هذه الطعون جميعها تقريباً بحكم الخاسرة سلفاً بسبب غرقها، بشهادة المجلس الدستوري، في العموميّات، فلم “تحدّد ماهيّة المغالطات القانونية والواقعية ولا أيّة أقلام اقتراع حصلت فيها، ولا أعداد الأصوات التي لم تُحسب للطاعن أو الفارق الذي يزعم الأخير وجوده بين ما أحصاه المندوبون والنتائج، مع الاستناد أكثر إلى ما تداولته وسائل الإعلام”.
وفق الدستوري يقع “عبء إثبات الاتّهامات على عاتق الطاعن، بحيث يتوجّب عليه تقديم الدليل القاطع على ما يدّعيه، أو على الأقلّ تقديم دليل جدّي أو بدء بيّنة، ليتمكّن المجلس الدستوري من الانطلاق منها بسلطته الاستقصائية وصولاً إلى كشف الوقائع والحقائق كاملة”. واعتبر الدستوري أنّ “أساس” بعض الطعون المقدّمة مخالف لقانون الانتخاب نفسه لناحية توزيع المقاعد واحتساب كسور الحواصل وترتيب الأصوات التفضيلية.
الطعون الأقوى
لكنّ هذه الخلاصات الصادرة عن “الدستوري” لا تنطبق على حالات محدّدة في الطعون العشرة الباقية، ومنها مثلاً الطعن المقدّم من النائب السابق فيصل كرامي (6,494 صوتاً تفضيلياً) ضدّ المرشّحين على لوائح قوى التغيير إيهاب مطر (سنّيّ – 6,518 صوتاً)، ورامي فنج (سنّيّ – 5,009 أصوات)، وفراس السلّوم (علويّ – 370 صوتاً) الذي وُصِفَ بالطعن “المَتين”. وكذلك الطعن المقدّم من جاد غصن (8,526) عن المقعد الماروني في المتن ضدّ النائب على لائحة القوات رازي الحاج (3,459) والنائب آغوب بقرادونيان (أرمن أرثوذكس – 4,973). وفي بيروت الأولى الطعن المقدّم من المرشّح عن مقعد الأقلّيّات على لائحة القوات إيلي شربشي (727 صوتاً) ضدّ المرشّحة سينتيا زرازير (486) على اللائحة المدعومة من النائبة بولا يعقوبيان.
“يفرق على صوت”؟
إن قُبِل طعن واحد أو أكثر، وهو أمرٌ لا تزال الترجيحات متضاربة حياله بسبب السرّيّة التامّة التي يعتمدها أعضاء المجلس في المذاكرة، فلا يُتوقّع أن يكون لذلك تأثيرات جدّيّة وسط “الفوضى” السياسية الحاكِمة بأمرها.
فحين لا يكون هناك رأس للدولة في ظلّ حكومة مشكوك في وضعها الدستوري لناحية “تصريف أعمالها وأعمال الرئاسة الأولى”، ومجلس نواب غير مستنفَرٍ لانتخاب رئيس للجمهورية، تصبح اللعبة على مستوى الإطاحة بنائب أو أكثر غير جديرة بالاهتمام، إلا إذا كان تحوُّل حشد الأصوات لرئيس الجمهورية المقبل “بيفرق على صوت واحد” في ظلّ غياب تسوية قد لا تأتي قريباً.
ى