مع اقتراب موسم الشتاء، تعود أزمة التدفئة الى الواجهة على وقع الارتفاع الجنوني في أسعار المحروقات، وفي أول” شتوة” بعد الرفع الكلي للدعم عن المواد النفطية، ما سيؤدي الى ارتفاع كبير في كلفة التدفئة.
وفي وقت يعمل فيه أهالي القرى على تجهيز أنفسهم لموسم الشتاء عبر تجميع الحطب وتخزين المازوت من عام الى آخر، من المرجّح أن يعاني أهالي بيروت والمدن الأمرّين هذا العام، مع الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي، والتقنين القاسي من قبل أصحاب المولدات، والأسعار الخيالية التي تُفرض على المشتركين، إضافة الى الارتفاع الكبير في سعر قارورة الغاز التي تُعتبر المصدر الأساسي للتدفئة، على الرغم من أن الكثيرين باتوا يعتمدون على أساليب تدفئة أخرى كالمازوت أو حتى الحطب، لمَن استطاع اليه سبيلاً.
يُعتبر الغاز واحداً من أساليب التدفئة في فصل الشتاء، الا أن قارورة الغاز بلغ سعرها حتى كتابة هذه السطور، نحو 431 ألف ليرة، وهو رقم مرشّح للارتفاع في الأيام المقبلة على وقع الارتفاع الكبير في سعر النفط عالمياً، وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، على ما يؤكد رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز فريد زينون، الذي أشار في حديث عبر “لبنان 24″ الى أنه “في فترة الشتاء الشديد، فإن أي منزل يستهلك قارورة غاز كل 4 أيام على الأقل، ما يعني الحاجة الى ما يقارب 8 قوارير في الشهر، أي بحدود 3 ملايين و200 ألف ليرة اذا ما احتسبنا سعر قارورة الغاز على سعر اليوم.
وفي هذا الإطار، دعا زينون الحكومة ممثّلةً برئيسها ووزير الطاقة الى العمل على دعم هذه المادة الحيوية في أشهر الشتاء الثلاثة القاسية، لكي يتمكن المواطن من تأمين تدفئة المنزل، مشيراً الى أن السوق اللبنانية بحاجة الى ما يقارب 1300 طن يومياً من الغاز في فترة الشتاء، وهذا الأمر لن يؤدي الى رفع التكلفة على الدولة اذا ما تم دعمه.
وناشد زينون المسؤولين ووزير الطاقة العمل على تسعير المحروقات بالدولار أسوة بالمازوت، على أن تُترك الحرية للمواطن بالدفع على سعر صرف السوق الموازية أو بالدولار، أو العمل على إصدار جدول الأسعار في الصباح الباكر، منعاً للتأخر بالتوزيع بانتظار الجدول، الأمر الذي سيؤدي الى بلبلة في الأسواق والى انقطاع المادة، لا سيما في المناطق البعيدة عن المدينة.
ورداً على سؤال عن أهمية المنصّة التي تعمل وزارة الطاقة على إطلاقها لتتلاءم أسعار المحروقات مع الارتفاع أو الإنخفاض في سعر صرف الدولار في السوق الموازية، أكد زينون أن هذا الأمر لن يجدي نفعاً، لأن الحل بسيط وهو لا يحتاج الى كل هذه التكلفة، فالمطلوب فقط التسعير بالدولار، منعاً لأي خسائر قد تؤدي الى التوقف عن العمل.
أما بالنسبة الى المازوت، فتشير الإحصاءات الى أن هذه المادة التي هي المصدر الأساسي لا بل الوحيد للتدفئة في القرى والمناطق الريفية، بلغ سعر الصفيحة حتى لحظة إعداد هذا التقرير ما يقارب الـ831 ألفاً، في حين كان سعرها العام الماضي، حوالي 100 ألف ليرة، وبالتالي فأن أي وحدة سكنية قد تكون بحاجة الى ما لا يقل عن 70 مليون ليرة في موسم الشتاء.
أما الحطب، فيُعتبر الأقل كلفة لسكان الجبال، خصوصاً وأن طن الحطب، بلغ سعره حوالي 8 مليون ليرة، ما يعني ان أي وحدة سكنية تعتمد في تدفئتها على الحطب هي بحاجة الى نحو 6 أطنان في الموسم الواحد، أي ما كلفته 48 مليون ليرة، ما يُعتبر الأوفر. ومن هنا لاحظ متابعون ارتفاع حوادث حرائق الغابات، في مسعى من المواطنين لتأمين حطبهم بأقل كلفة ممكنة.
بعد عرض هذه الأرقام الكارثية، لا يبقى على المواطن غير الاعتماد على الطرق التقليدية للتدفئة، آملين أن يكون هذا الشتاء أخف برداً وعواصف من الشتاء المنصرم.