في 23 أيار الماضي تسلّم لبنان 50 باصاً كناية عن هبة من الدولة الفرنسية، على ان تليها دفعة ثانية في الأشهر المقبلة، وستكون هذه الهبة حلقة من حلقات خطة النقل المتكاملة على كل الأراضي اللبنانية.
كما أنهت مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك تأهيل 45 باصا محلياً ما يعني انه من المفترض ان يكون هناك 95 باصا جاهزاً للعمل على الطرقات اللبنانية.
اللبنانيون استبشروا خيرا بهذه الخطوة مع اشتداد الأزمة الاقتصادية وما رافقها من ارتفاع بسعر صرف الدولار وارتفاع أسعار المحروقات بشكل جنوني ورفع الدعم عنها، معتبرين انه في حال تسيير هذه الباصات سيُساهم هذا الأمر ولو جزئياً بالتخفيف من أعباء النقل على اللبناني الذي يعتمد بنسبة 70% من تنقلاته على السيارات، إضافة الى إعادة تفعيل عمل الإدارات والمؤسسات العامة، التي ينفذ موظفوها إضرابا عاما بسبب عدم قدرتهم على التنقل والوصول إلى مراكز عملهم نتيجة غلاء أسعار المحروقات.
لكن الفرحة لم تكتمل وبعد نحو 4 أشهر من وصول الباصات إلى لبنان فان عقبات عديدة تؤخر تسييرها على الطرقات بسبب إضراب القطاع العام والإدارات الرسمية إضافة إلى عدم تقدّم أي متعهّد بعرض تشغيلها في المناقصة العمومية التي تم الإعلان عنها في تموز الماضي.
الا ان الملف حرّك مُجدداً مع إعلان وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية مؤخرا ان الباصات الفرنسية ستُسجّل في إدارة السير بدءاً من الأسبوع الحالي بالتوازي مع إطلاق مناقصة جديدة لتسييرها.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس مجلس إدارة مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر ان “المصلحة تتابع يومياً موضوع تسجيل الباصات”، مشيراً إلى ان “المعاملة أنجزت في وزارة المالية وحوّلت إلى إدارة الجمارك وعند صدور الشهادات الجمركية للباصات تتحوّل إلى هيئة إدارة السير لتسجيلها”.
أما عن موعد إطلاق مناقصة جديدة لتشغيل الباصات بعد عدم تقدّم أي من العارضين خلال المناقصة الأولى، فأوضح نصر ان “يوم الخميس المقبل سيتم نشر المُناقصات في الجريدة الرسمية لاستدراج عروض تخوّل شركات القطاع الخاص تسلّم أمور التوظيف والمحاسبة والصيانة وغيرها من تكاليف محروقات وقطع غيار وبعض اللوجيستيات”.
وأضاف: “هناك 5 مُناقصات وآمل في أن يتقدّم العارضون فيجري تقييم العروض ودرسها قبل الموافقة على التلزيم”.
وتابع: “هناك إشكالية تتعلّق بظروف البلد والتردّي الحاصل، فقد يكون التجّار أو المقاولون متردّدين في التقديم على مناقصات إدارات الدولة بسبب تقلّب سعر الصرف بين يوم وآخر”، مشيراً إلى ان “هذه المشكلة تُعاني منها المؤسسات العامة كافة لأنها مُجبرة على التسعير بالليرة اللبنانية في حين أن التجّار يصرّون على التسعير بالدولار”.
ماذا عن موعد تسيير الباصات؟
يؤكد نصر انه بعد تسجيل الباصات وإطلاق المناقصات تصبح العملية سريعة، لافتاً إلى ان “مصلحة النقل قامت بدورات تدريبية للسائقين على قيادة هذه الباصات ليقوموا بدورهم بتدريب السائقين الجدد الذين سيتم توظيفهم”.
وشدد على ان “مصلحة النقل جهزت نفسها وهي بانتظار إرساء المُناقصة على شركة خاصة توظف بدورها سائقين جددا لتسيير الباصات وتأمين رواتب لهم”.
أما عن التعرفة المتوقعة للباصات، فأكد نصر انها “ستكون مقبولة وتتلاءم بالحد الأدنى مع الوضع المعيشي للمواطنين”، داعيا الدولة اللبنانية لان تُساهم بدعم قطاع النقل كما يحصل في كل بلدان العالم لأنه قطاع حيوي، وأكد انه “في حال دعمت الدولة قطاع النقل التعرفة ستكون أرخص ولكن لا يمكننا حاليا تحديدها”.
وأوضح ان “هذه الباصات سيتم تسييرها داخل بيروت الكبرى كمرحلة أولى وبالتالي فقد تخفف من الزحمة في العاصمة ولكن لن تمكن المواطن من ان يستغني عن سيارته وان يتنقل فيها خاصة إذا كان يسكن خارج بيروت”.
أما عن مصير الباصات المتبقّية من الهبة الفرنسية، فيشير نصر إلى أن “الاتفاقية مع الجانب الفرنسي تنص بداية على الالتزام بعملية تشغيل الحافلات الـ50 وفي حال نجحت الخطة المرسومة يتمّ إرسال الدفعة الثانية”.
تسمية “جحش الدولة”
إذن يترقب اللبنانيون عودة الباصات أو “جحش الدولة” كما يُسميها الناس إلى الشوارع علّهم يخففون من عبء كلفة تنقلاتهم.
أما عن تسمية “جحش الدولة” للباصات فتتضارب الروايات حول هذه التسمية، فتقول رواية إن القصة بدأت عندما لم يتمكّن أهالي بيروت من إيجاد ترجمة حرفية لكلمة “أوتوبوس” الفرنسية أو “باص” الإنكليزية فأطلقوا تسمية “جحش الدولة” على الحافلات.
أما الرواية الثانية، فترد التسمية الى الأثقال التي يتحملها “الاتوبوس” على غرار “الجحش” الحقيقي.