لضرورة خلق مناخ سياسي جديد يتيح للشباب المشاركة الفاعلة في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم.
هذا ما جاء على لسان الشباب في ورشة العمل الإقليمية “واقع مشاركة الشباب اللبناني في مراكز القرار”، بتنظيم من مجموعة بسمة الدولية للمساعدة الإنسانية بالشراكة مع الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية والمعهد العربي لحقوق الإنسان- فرع لبنان ممثلاً بالسيدة جومانة مرعي عبر تطبيق زووم، في فندق روتانا أرجان – بيروت، الروشة، يوم الثلاثاء 30 آب 2022.
وقد أكد الشركاء على أهمية هذه الورشة، لجهة طرح رؤية جديدة في تناول قضية الشباب، تتيح الإصغاء إلى صوتهم وآرائهم وتصوراتهم وأفكارهم حول مشاركتهم في الشأن العام ومراكز القرار، من خلال جمع ثلاثين شاباً وشابة من مختلف المناطق اللبنانية التنظيمات السياسية والحزبية والمدنية وناشطين مستقلين، للتفاعل والنقاش وتبادل الآراء فيما بينهم، كما لجهة بعدها المستدام، حيث تشكل امتدادا لورشتين إقليميتين سابقتين حملتا العنوان نفسه في كل من المغرب وتونس، ما من شأنه تحقيق التراكم المعرفي حول مسألة المشاركة السياسية للشباب العربي ويتيح إمكانية المقارنة في التجارب الشبابية بين المغرب والمشرق العربي.
تضمنت ورشة العمل ثلاث جلسات تفاعلية انطلقت الجلسة الأولى بمحاضرة علمية تحت عنوان “واقع المشاركة السياسية للشباب اللبناني:قراءة سوسيولوجية “، قدمتها أستاذة علم الاجتماع ورئيسة الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية الدكتورة ماريز يونس،”، وأدارها الاستاذ زياد خالد الذي اعتبر أن تنظيم ورشة عمل حول الشباب اللبناني في ظل الظروف والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو حاجة ضرورية وعمل جبار اجتمعت فيه ثلاث منظمات علمية وحقوفية عريقة مثل مجموعة بسمة الدولية والشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية والمعهد العربي لحقوق الانسان،كما اعتبر بأن القراءة السوسيولوجية هي مدخل أساسي وضروري من شأنها أن تساعد في الدخول الى عمق المشكلة وتحليلها مما يساعد في التطوير والتغيير.
وبينت الدكتورة ماريز في محاضرتها، واستنادا الى ثلاث دراسات ميدانية حول الشباب اللبناني ومشاركته السياسية، معاني ومضامين مشاركة الشباب في صنع القرار، معتبرة “أنها لا تعني بالضرورة أن يتخذوا القرارات بأنفسهم، بل أن يؤيدوا أو يرفضوا برامج معينة تتعلق بالشأن العام، وأن يدعموا الجهات والأحزاب السياسية تبعا لبرامجها. كما يعني أن هناك فرصة ومساحة لهم ليبلوروا أنشطة تخصهم كفئة اجتماعية لها خصوصياتها ومستقلة عن أجندات الفئات الاجتماعية الأخرى والأحزاب.
وميزت بين نوعين من المشاركة السياسية على أساس المضمون، السياسة على أساس الهوية، والسياسة على أساس قضايا الشأن العام. أما من حيث الشكل فميزت بين أربعة أنماط للمشاركة السياسية، المشاركة النظامية، التي تحصل في كنف الدولة والمؤسسات، المشاركة التطوعية، عن طريق المشاركة في الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، والمشاركة الرافضة الاحتجاجية، التي يمارسها أصحاب العلاقة كلما شعروا أن الأنماط والسبل الأخرى في العمل والمطالبة لم تُجدِ نفعا، أو هي معطلة لأسباب سياسية. العزوف عن المشاركة، وهو يعتبر مشاركة سلبية لأنه يترك للجهات الأقوى أن تنتصر هي وخياراتها. واختتمت محاضرتها بسؤال رئيسي توجهت به إلى الشباب: “أي مشاركة سياسية يريد الشباب المشاركون”؟
اما الجلسة الثانية فكانت مع الشباب بعنوان “واقع المشاركة السياسية للشباب اللبناني في مراكز القرار: تجارب متنوعة” ، وأدارتها الدكتورة غولشان صغلام مديرة مجموعة بسمة الدولية للمساعدة الإنسانية، التي وضحت هدف الجلسة وأهميتها، مشددة على ضرورة كسر كافة الحواجز أمام الشباب المشارك للتعبير بحرية عن آرائهم وأفكارهم وتجاربهم في صنع القرار معتبرة بأن حرية التعبير هي المدخل لإجراء حوار هادف ومنتج بين الشباب اللبناني على اختلاف انتماءاته ما من شأنه تعزيز الهوية الوطنية والتأسيس للمواطنة الفاعلة. وكانت البداية مع عرض لتجربة أديان حول “البرلمان الشبابي” التي قدمها الأستاذ فادي بدران، تلاها عرض موسع لتجارب الشباب في الشأن العام، والتي كانت غنية ومتنوعة وأثارت تفاعلاً إيجابياً بين الشباب الذين عبروا بحرية عن آرائهم وأفكارهم وتقييمهم لتجاربهم في صنع القرار.
أما الجلسة الأخيرة فتضمنت مجموعات عمل مع الشباب حول واقع المشاركة الشبابية في بناء مسارات البناء السياسي وآليات تفعيلها، حيث صاغ الشباب تصوراتهم حول مشاركتهم في صنع القرار وتوصلوا الى التوصيات التالية:
- اعداد قانون انتخابات عصري خارج القيد الطائفي يراعي حق تمثيل الشباب من خلال تخفيض سن الاقتراع، سن الترشح ورسوم الترشيح؛
- العمل على خلق مناخ سياسي جديد يكون الشباب فيه شريكًا اساسيًا في وضع السياسات العامة وتطويرها وتقييمها؛
- خلق مساحات عامة لجمع الشباب بأقرانهم من مختلف المناطق اللبنانية والتنظيمات السياسية والمدنية، تعزيزًا لثقافة المواطنة القائمة على التواصل والتشاور والحوار وتداول الأفكار وتبادل وجهات النظر وتقبل الآخر؛
- تعزيز استقلالية الشباب الاقتصادية ودعم المبادرات الشبابية المحلية والمشاريع الإنتاجية إضافة إلى تحسين فرص العمل والاستثمار المحلي؛
- الاستخدام الفعال للتقنيات الرقمية من خلال إقامة شبكات شبابية تواصلية مناهضة للعصبية الرقمية وخطاب الكراهية؛
- تعزيز شعور الشباب بالانتماء والمسؤولية تجاه قضايا الشأن العام من خلال التوعية والتحفيز واقناع الشباب بجدوى المشاركة في صنع القرار والقدرة على ممارستها، وتعميم التجارب الشبابية الناجحة في هذا المجال “البرلمان الشبابي نموذجا”؛
- إعادة تصويب توجهات الجهات المانحة المحلية والخارجية وتحفيزها لدعم برامج شبابية يساهم في وضعها الشباب نفسه مع فريق من الخبراء نابعة من احتياجاتهم ، معبرة عن مصالحهم، ولها طابع الاستدامة؛
- إتاحة الظروف التمكينية أمام الشباب ودعم معارفهم ومهاراتهم واتجاهاتهم الإيجابية وتعزيز دورهم في الهيئات التمثيلية والحزبية واللجان النيابية والبلدية والمحلية واتاحة الفرص أمامهم لتسلم أدوار قيادية، وإزالة المعوقات أمام مشاركة الشابات ووقف التمييز ضدها؛
- اعتماد اللامركزية الإدارية وتطبيق منهج المشاركة “من الاسفل الى الأعلى” الذي يؤمن فرص متساوية لمشاركة الشباب في صنع القرارات؛
- تطوير آليات التفاعل والتكامل والتعاون والتشبيك وبناء علاقات الثقة بين الشباب والفاعلين السياسيين من خلال لقاءات حوارية تشاركية قائمة على مبدأ الديمقراطية والشفافية والحوار البناء؛
- بناء الشراكات بين القطاعات الشبابية ووسائل الإعلام، ما من شأنه المساهمة في إيصال صوت الشباب إلى أصحاب القرار؛
- نشر الدراسات العلمية التي تبين نسب مشاركة الشباب في الاستحقاقات الانتخابية، كما نسب العزوف عن المشاركة، وإعداد دراسات تكشف أسباب عزوف الشباب عن المشاركة وسبل معالجتها؛
واختتم الشركاء ورشة العمل بالتأكيد على متابعة العمل مع الشباب بمجالات متعددة، حيث سيصدر تقرير علمي إقليمي يغطي كافة ورشات العمل الشبابية الإقليمية، وتأسيس نادي شبابي اقليمي كإحدى أبرز المخرجات الهامة لهذه الورشات الشبابية الإقليمية.