كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:
ليست كلُّ الأحلامِ مستحيلة… عبارةٌ قد تبدو ساذجة لا بل خرافية في أرضٍ لا تلدُ إلا الأزمات والمصائب، شعبُها ألفتهُ الويلات حتى بات يُساكنها مرغمًا. إلا أن هذه الأرضَ نفسُها وهذا الشعب الملوّع نفسه، عاشا قبل 40 عاما حلمًا حقيقيا استمرّ 21 يوما… حلمًا إسمهُ بشير الجميّل.
نستذكرُ بشير اليوم لسبيين، الاوّل أن الحلمَ الذي تمثل بانتخابه رئيسا للجمهورية حصل قبل 40 عاما بالتمام والكمال، بتاريخ 23 آب 1982، والسبب الثاني أن المشهدية السوداوية اليوم لا تختلفُ كثيرا عما كان عليه الوضعُ حينها خصوصا وأننا على مشارفِ انتخاباتٍ رئاسيةٍ نريدُها لا بل نحن في أمسّ الحاجة لأن تُنتج لنا رئيسًا حلمًا يخلّصنا من نار جهنّم.
ففي تشرين، الموعد الدستوريّ لبدء عهدٍ جديد، نريدُ رئيسًا “بشيريّا” واثق الخطى، واضح الرؤيا، لا يتزحزحُ عن مبادئه ولا تغرّهُ مغانمُ أو مناصب… نريدُه قويّا بالفعل… بالخُطط والإصلاحاتِ الحقيقية، لا بالوعودِ الفارغة.
نريد رئيسًا لا يتحجّجُ بصلاحياتٍ مفقودة أو بمناكفاتِ خصومٍ حلفاء، نريدُ رئيسًا “بشيريّا” يُرسي هيبةً بمجرّد ذكر اسمِهِ، لا يهادنُ أو يساجل حينما يتعلّق الأمر بسيادة أو مصلحة وطن…
قبل 40 عاما، وبمجردِ انتخاب البشير، عاشَ اللبنانيون 21 يومًا من انتظامٍ غير مسبوق للمؤسسات، فتوقفت السمسرات والخوّات في إدارات الدولة، وما عاد موظّف واحد يتأخر عن عمله ولا يغادر قبل انتهاء الدوام، حتى شرطيّ السير بات في المرصاد لكل من يخالف القانون، أيا كان هذا الشخص، لأن بناء الدولة بات فعلا مؤكدا والقائد كان قبطانا لا يشكّ أحدٌ بحسن إدارته وحزمه للوصول إلى الامان والازدهار. اسألوا كلّ من عاش تلك الحقبة، وسيروي لكم قصصًا لا تنتهي عمّا أنتجه انتخاب البشير حتى قبل ان يستلم دفّة الرئاسة رسميّا لأن الاغتيال سبقه…
قبل 40 عاما، وبين ليلةٍ وضحاها، تحوّل لبنان من بلدٍ منكوبٍ أنهكتهُ الحروب إلى مشروع حلمٍ أبكى اللبنانيين فرحًا للمرة الاولى…
اليوم، ما عاد من مكانٍ للفرح في القلوب طالما نعيش ذلا لا ينتهي وحقبةً هي الأسوأ في تاريخنا الحديث… وحدهُ الامل نرجوهُ أن يعود إلى قلوبنا، ويأتينا تشرينُ بـ”بشيريّ” ما، ينتشلنا من الكابوس المقيت الممسك بمصيرنا إلى حلمِ يشبه ذاك الذي خطفوه حينما استشعروا دولة تخرج إلى الحياة وقائدا حطّم ما نسجوه من خيوط سوداء يلبسونها لهذه البلاد.