كتبت دوللي بشعلاني في الديار
يُشكِّل ملف الترسيم البحري الجنوبي بين لبنان والعدو الإسرائيلي محطة فاصلة في تاريخ لبنان، وتُعتبر الثروة الغازية والنفطية الواعدة بحصول لبنان على مليارات الدولارات من عائداتها، ورقة رابحة في يده من شأنها تحسين وضعه الإقتصادي المنهار وتأمين مستقبل أفضل للأجيال الصاعدة، شرط معرفة كيفية استخدامها وفي أي توقيت بالذات. غير أنّ الخطوات لا تزال متعثّرة في هذا المجال، رغم التفاؤل الكبير الذي أبداه المسؤولون اللبنانيون منذ زيارة الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي آموس هوكشتاين في أواخر تموز الفائت والأول من آب الجاري، وإعلان هذا الأخير عن عودة سريعة له، حدّدها له لبنان قبل 25 آب كحدّ أقصى، وعن قرب إبرام «إتفاقية ترسيم بحري بين الجانبين».
ولكن حتى الساعة، على ما أكّدت مصادر ديبلوماسية مطّلعة لجريدة «الديار»، فإنّ هوكشتاين لم يطلب تحديد مواعيد له مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولا مع رئيسي مجلس النوّاب نبيه وبرّي وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذين اتفقوا على «موقف واحد»، خلال زيارته الرابعة للبنان كوسيط. وهذا الأمر جعله يخرج من لقاء قصر بعبدا الذي ضمّ اليهم كلّاً من نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب، ومدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، متفائلاً جدّاً، معلناً عن قرب إبرام الإتفاقية.
عودة وإتفاقية؟!
وإذ ذهب هوكشتاين بعد ذلك الى تلّ أبيب، وأفل عائداً الى بلاده، وينتظر لبنان عودته التي لن تحصل قبل 25 آب الجاري حتماً، بل ربّما في 2 أيلول المقبل، على ما كشفت بعض المعلومات، رغم أن لا شيء رسميا بعد عن موعد هذه الزيارة، يؤكّد العارفون بأنّ الوسيط الأميركي قد سمع رفضاً لمطالب لبنان من العدو الإسرائيلي، وإلّا لما كان تلقّى منه ما سمّته وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار (ذات الأصول المغربية) «عرضاً إسرائيلياً جديداً». أمّا الهدف من هذا العرض، فتأجيل البتّ بالمفاوضات لما بعد انتخابات الكنيست التي ستُعقد في الاول من تشرين الثاني المقبل، وعدم اتخاذ أي موقف حاسم الآن من توقيع اتفاقية الحدود البحرية مع لبنان، لكي لا تفقد حكومة يائير لابيد الحالية حظوظها بالعودة الى منصبها في وجه منافسها بنيامين نتنياهو، بعد أن اتهمها شعبها بتقديم «تنازلات مؤلمة» للبنان، في حال وافقت على مطلبه الأخير المتمثّل بالخط 23+ أي أن يُرسم على شكل جيب ليضمّ حقل «قانا» كاملاً مع الجزء الجنوبي منه بمساحة نحو 160 كلم2، مع احتفاظ لبنان حُكماً بالبلوكات الحدودية 8 و9 و10 التي تدخل ضمنه. في الوقت الذي كانت تُطالب فيه الحكومة الإسرائيلية بمبادلة جنوب قانا بقسم من البلوك 8 بمساحة 120 كلم2 لفتح ممرّ بحري، وليكن بإمكانها الإطلالة منه بشكل دائم على المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان. كما بتوقيع الإتفاقية على نسخة واحدة تتضمّن توقيع لبنان لجهة اليمين، و»إسرائيل» لجهة اليسار، على أن يُوقّع هوكشتاين في الوسط.
أمّا لبنان فرفض مثل هذا الطرح، على ما يقول العارفون، مشدّداً على ضرورة التوقيع على الإتفاقية ليس على نسخة واحدة، إنَّما على نسختين منفصلتين لكي لا يُفهم الأمر على أنّه نوع من التطبيع مع العدو.. هذا قبل الخوض في صياغة نصّ الإتفاقية الذي يُفترض أن يكون باللغة الإنكليزية، وتتمّ ترجمته رسمياً باللغتين العربية والعبرية لكي لا يُصار فيما بعد الى تأويل أي كلمة فيه. علماً بأنّ المفاوضات مع الإسرائيلي شائكة ومعقّدة أكثر بكثير ممّا يعتقده البعض، كونه عدوا شرسا وقادرا على نكس أو نسف أي إتفاقية متى يشاء إذ ليس من قوانين دولية تردعه.
المعادلة تغيّرت
ولكن هل سيعود هوكشتاين لإنجاز التفاصيل الأخيرة من الإتفاق، وتوقيعه في أيلول المقبل قبل بدء سفينة «إنرجين باور» عملها في حقل «كاريش»، على ما كان مقرّراً بين الفترة الممتدّة من 4 الى 11 أيلول، تجيب أوساط ديبلوماسية متابعة لملف الترسيم بأنّه يعيد حساباته الآن، إذ لا يُمكن القيام بكلّ ذلك في غضون يومين، وإن كان الأمر يتطلّب، على ما كان يُعتقد، عقد جلستين على طاولة الناقورة برعاية أممية، الأولى، للإتفاق على صياغة النص الذي سيضعه هوكشتاين بصفته الوسيط، والثانية لتوقيع الإتفاق بين الأطراف المعنية. كما أنّ المعادلة تغيّرت، بالنسبة للأميركي والإسرائيلي بعد خطابات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي هدّد فيها بأنّ « أي يدّ ستمتد الى ثروة لبنان ستُقطع»، وأن «لا غاز في إسرائيل من دون غاز من لبنان»، متخطياً بذلك معادلة «حقل قانا مقابل حقل كاريش»، ومن ثمّ إطلاق المسيِّرات باتجاه سفينة «إنرجين باور»، ونشر الإعلام الحربي للمقاومة الفيديو الصادم الذي أظهر مشاهد وإحداثيات منصّة «كاريش».
ومن المؤكّد أنّ تغيّر المعادلة، فضلاً عن الموقف الإسرائيلي الأخير الرافض لمطالب لبنان، من شأنهما تعليق أو تأجيل عودة هوكشتاين الى حين تغيّر الظروف الإقليمية والدولية. علماً بأنّ السيد نصرالله قد أعلن أخيراً أن «موضوع الحدود البحرية وكاريش والنفط والغاز والحقوق اللبنانية لا علاقة لها كلّها بالاتفاق النووي لا من قريب ولا من بعيد». غير أنّ عودة هوكشتاين في حال حصلت الشهر المقبل ، فقد تكون لحفظ ماء الوجه، على ما أفادت المعلومات، ما يعني أنّها لن تكون زيارة حاسمة، على ما يُنتظر، بل للتأكيد على استمرار المفاوضات، وعلى نقل «العرض الجديد» للمسؤولين اللبنانيين وإعطائهم الوقت الكافي للتفكير به، أي رمي الكرة في ملعبهم مجدّداً.
ويخشى المراقبون من مماطلة هوكشتاين، المتعمّدة من قبل العدو الإسرائيلي من أجل البدء في استخراج الغاز من حقل «كاريش» في أيلول، فَيُصبح الموضوع أمراً واقعاً لا يمكن التراجع عنه، وحقاً مكتسباً لهم طالما أن لبنان لم يقم بخطوات إعتراضية. في حين كان يمكن تقديم شكوى الى مجلس الأمن مثلاً. ويُذكّر هذا بما حدث ويحدث بين مصر وأثيوبيا حول سدّ النهضة على نهر النيل. لقد أصبح واقعاً. ومصر وأثيوبيا لا يزالان يتفاوضان. كذلك فإنّ حقل «كاريش» قريب جغرافياً من حقل «قانا»، ولهذا ثمّة خشية أخرى من إمكانية شفط الغاز من هناك. غير أنّ البعض يقول إنّ هنالك حاجزا أخدوديا بين الحقلين ولا يمكن الشفط منه أبداً.
موقف لبنان
في هذه الأثناء، يبدو لبنان مستعداً لزيارة هوكشتاين، ويسعى الرئيس المكلَّف نجيب ميقاتي الى تشكيل حكومة جديدة لكي تتمكّن من مواكبة ملف الترسيم البحري، وإن كانت المعلومات تشير الى عرقلة محاولته هذه مجدّداً. أمّا في حال قرّر المجيء في أيلول المقبل الذي تبدأ معه الدعوات لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية في مجلس النوّاب، فسيكون عندها منشغلاً بهذا الإستحقاق، وغير متفرّغ للإتفاقيات رغم أهمية ملف الترسيم.. وقد يكون الوسيط الأميركي أيضاً، غير متحمّس أو مهتمّ للعودة الى لبنان بهدف توقيع «إتفاقية حدود أو ترسيم بحري» مع مسؤولين لبنانيين سيتبدّلون مع نهاية العهد الحالي. والوضع في الجانب الإسرائيلي الذي ينتظر إجراء الإنتخابات العامَّة في أول تشرين الثاني المقبل، سيكون مماثلاً لوضع لبنان، لجهة الإنشغال السياسي وتبدّل الوجوه السياسية في الحكم. فلماذا الإستعجال، من وجهة نظره، وبإمكان العدو تشغيل سفينة «إنرجين باور» في أي من حقوله النفطية البعيدة عن المنطقة المتنازع عليها، والتي سبق وأن بدأت أعمال التنقيب والإستكشاف فيها منذ فترة، من دون أن تتعرّض لأي مشكلة، إِلَّا في حال اعتراض لبنان الرسمي على ذلك ومن خلفه حزب الله؟! أمّا إذا كانت الإتفاقيات المعقودة مع الشركات الدولية لا تسمح بذلك، فإنّه سيعمل على تأجيل العمل في «كاريش» الى ما بعد انتخابات الكنيست، ووضوح الرؤية فيما يتعلّق بالتفاصيل والشروط المتقابلة لاتفاقية الترسيم.
وترى الأوساط الديبلوماسية المتابعة بأنّه «على الدولة أن تتحرك في كل المجالات…لا أن تكون أخذة الأمور وهي مستلقية. يُمكنها، على سبيل المثال، في الوقت الضائع، التنقيب عن الحقول في المنطقة المتنازع عليها، والبحث في تحديد حدود المياه الإقتصادية الخالصة، وتثبيت حدود المياه الإقليمية اللبنانية والتي تجاوزتها إسرائيل كما تمّ تبيانه في مقالات سابقة وفي الخرائط التي عرضتها «الديار».
ويجد المراقبون بأنّ موقف لبنان لا يزال «غير موحّد»، خلافاً لما لمسه الوسيط الاميركي خلال زيارته الأخيرة له، إذ هناك معسكران واضحان : الأول، الموقف الرسمي للمسؤولين اللبنانيين الذي يُجري هوكشتاين المفاوضات معه، ويُطالب بالخط 23 كاملاً مع البلوكات الحدودية ومع حقل قانا كاملاً، ومعسكر غير رسمي يضمّ عسكريين متقاعدين وأكاديميين وخبراء قانونيين وسياسيين معارضين، يُشكّل «جبهة الدفاع عن الخط 29»، أو حتى خارجها، ويعتبر بأنّ التنازل عن هذا الخط أعطى العدو هدية مجانية هي نصف حقل «كاريش»، وطمأنه بالتالي بأنّ عمله فيه يقع خارج المنطقة المتنازع عليها. فضلاً عن تخلّيه عمّا قد تضمّه المساحة التي تقع بين الخطين 23 و29 من حقول موجودة ربما ولَم يتم الإعلان عنها حتى الآن. ويؤكّدون بأنّ موقف المعسكر الثاني أضعف بطبيعة الحال لأنّ القرار ليس بيده، ولن يصبح قويّاً إِلَّا في حالتين: الأولى، انهيار مبادرة هوكشتاين، والثانية تغيّر موقف الدولة من الخط 23.
الحدود والمنطقة البحرية
وأشارت الأوساط الديبلوماسية عينها، الى أنّ موضوع حدود المياه الإقليمية أصبح موضوعاً جديداً ومنفصلاً عن المنطقة البحرية الخالصة. فالمياه الإقليمية حيث سيادة الدولة عليها مطلقة هي من خط الساحل أو الشاطئ ويمتد لنحو 22 كلم2 داخل البحر. والمنطقة البحرية الخالصة، والتي لكلّ دولة أفضلية مطلقة في استثمار مواردها السمكية وثرواتها الطبيعية، تبدأ من حيث تنتهي المياه الإقليمية وتمتد لنحو 322 كلم2 إلى داخل البحر أو المحيط. ولأنّ البحر الأبيض المتوسط هو بحر داخلي مغلق، فإنّ المنطقة الإقتصادية الخالصة لكلّ دولة فيها يتمّ وفق القانون الدولي للبحار 1982 بموجب معايير فنية وتقنية دقيقة تتأمن فيها العدالة والمساواة في توزيع المناطق الإقتصادية الخالصة وتحديد إحداثياتها. فالخلاف بين لبنان والعدو الإسرائيلي لم يعد مقتصراً على أي خط سيتم إعتماده لتحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة (29، أو 23، أو هوف،…إلخ)، بل إن الخلاف إنتقل إلى حدود المياه الإقليمية الفاصلة بين لبنان وفلسطين المحتلة، أي أنه أصبح هنالك خلاف على المياه الإقليمية التي تمارس الدولة اللبنانية سيادتها المطلقة عليها. فإختيار العدو الإسرائيلي للخط رقم 1، أو موافقته على العرض اللبناني بالالتزام بالخط 23، يعني أن لبنان قد اقتطع مثلثاً بحرياً من مياهه الإقليمية يبلغ نحو 8 كلم2، ودفع حدوده البحرية نحو 4 كلم إلى الشمال إنطلاقاً من رأس الناقورة، بعد أن كانت المياه الإقليمية تنطلق من رأس الناقورة غرباً بشكل مباشر. وهي منطقة تبلغ مساحتها حوالي نصف منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من ناحية الحجم (لعلّ ذلك يقارب نظرية من يقول، على سبيل السخرية، بأنّ المشكلة ما هي إلا «مزارع شبعا بحرية»). والمسألة ليست كيلومتراً من هنا، أو كيلومتراً من هنالك، ولكن المسألة هي: هل تخضع حدود المياه الإقليمية (أو إستطراداً الحدود البريّة) لرغبات ونزوات العدو الإسرائيلي ومتطلباته الأمنية وأطماعه الإقتصادية، والتي بطبيعة الحال هو وحده المخول بتحديدها؟!
إنجازان للعهد
في الوقت نفسه، أكّدت الأوساط نفسها أنّ لبنان يريد إنهاء عهد الرئيس عون بوضع ملفين مهمّين على السكّة الصحيحة للحلّ والتنفيذ:
- الأول، ملف الترسيم فحتى لو لم يتمّ توقيع الإتفاق مع العدو الإسرائيلي خلال العهد الحالي.. غير أنّه يكفي أنّ التاريخ سوف يُسجّل له إصدار قانون التنقيب عن النفط، ومسألة دخول لبنان في نادي النفط الدولي في هذا العهد، سيما وأنّ اكتشاف أنّ الثروة النفطية موجودة في لبنان، حاصل منذ عقود، غير أنّ أيا من رؤساء الجمهورية السابقين لم يتجرّأ على الخوض في هذا الملف لكي لا يتحوّل لبنان بأكمله الى بلد تطمع الدول الكبرى الباحثة عن مصدر حيوي للنفط والغاز الى وضع يدها عليه.
- الثاني، ملف إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، بهدف تخفيف الأعباء عن كاهل لبنان، سيما وأنّ استضافتهم تكبّده الكثير من التكاليف في ظلّ الأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية التي يعيشها لا سيما خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وقد لقي لبنان تجاوباً من قبل سوريا حول خطة إعادتهم، ويسعى الى أن تقوم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان الى تقديم المساعدة في هذا المجال، وإن كانت اليوم لا تزال تُعارض فكرة العودة هذه تحت حجج واهية عدّة. وهذا الملف في حال بدأ العمل على تنفيذه بعد انتهاء عهد عون، إِلَّا أنّه سيُسجّل له أنّه انطلق قبل أفوله.
أي تصعيد؟!
ويتساءل المراقبون عمّا يعنيه التصعيد الذي ورد في خطاب السيد نصرالله الأخير الذي أعلن فيه أنّ «العين على هوكشتاين الذي يضيّع الوقت، والعين على «كاريش»، وأنّه «سواء وُقِّع الإتفاق أم لم يُوقّع فإذا تقدّم للدولة اللبنانية ما تُطالب به، فنحن ذاهبون الى الهدوء، وإذا لم تُعطَ ما تُطالب به، فنحن ذاهبون الى التصعيد»، فهل هذا يعني أنّ الحرب الشاملة باتت على الأبواب؟ طمأنت الأوساط بالقول: «التصعيد لا يعني بالضرورة حرباً مُدَمّرة، قد يكون هناك مناوشات أو مواجهات حدودية (صواريخ ذكية وموجّهة)، أو مسيّرات ودوريات بحرية وما الى ذلك.
ولكن السؤال المطروح هنا: ماذا لو قرّر العدو العمل في حقول أخرى مثل حقل «تامار» أو سواه خارج المنطقة المتنازع عليها، فكيف سيكون ردّ المقاومة، سيما وأنّ الإسرائيلي سبق وأن ضغط على شركة «توتال» الفرنسية ما جعلها تؤجل بدء أعمالها في التنقيب والاستخراج في البلوك 9 حتى أيّار من العام 2022. كما حظّر عليها استكمال عملها في البلوك 4 الذي لزّمتها إياه الحكومة اللبنانية مع «كونسورتيوم» الشركات الذي ترأسه ويضمّ الى جانبها شركتي «إيني» الإيطالية و»نوفاتيك» الروسية، الى جانب البلوك 9؟! يجيبون بأنّ الحزب الذي أعلن وقوفه خلف الدولة وقراراتها في ملف الترسيم، سينتظر قرارها لكي يبني على الشيء مقتضاه. علماً بأنّ الاسرائيلي قرّر تأجيل عمله في «كاريش» الى وقت لاحق تفادياً لأي مواجهة عسكرية على الحدود، في الوقت الراهن، لأن استمراره على موقفه من شأنه تعريض سفينة «إنرجين باور» للخطر، الأمر الذي من شأنه عدم طمأنة أي شركة دولية نفطية. ولكن هل سيُوافق بالتالي على رفع الحظر عن شركة «توتال» في لبنان، ويوقف اعتراضه على قيام الحكومة بدورة التراخيص الثانية، لكي يتمكّن من العمل في حقوله النفطية بكل هدوء واستقرار؟! وإلّا فما الذي يعنيه ما كشفت عنه المعلومات عن حجز «توتال» فندقاً لموظفيها وعددهم 140، في لبنان في شهر تشرين المقبل؟!
تظاهرة بحرية
في الوقت نفسه، يستمر منظّمو الحملة الأهلية لحماية الثروة البحرية جولاتهم على الفاعليات السياسية وعلى ناشطين إجتماعيين وشخصيات نقابية في مختلف المناطق لحشد أكبر عدد من المشاركين في المسيرة أو التظاهرة البحرية التي ستنطلق صباح يوم 28 من شهر آب الجاري من الموانئ اللبنانية كافة باتجاه الحدود البحرية في رأس الناقورة عند خط الطفافات.
وأوضح منسق الحملة هاني سليمان أنّ التظاهرة البحرية ستنطلق منها المراكب واليخوت التي يصل عددها الى أكثر من 100 بأحجام مختلفة، من جميع الموانيء التجارية وستتوجّه الى الحدود المائية قبالة منطقة رأس الناقورة الملاصقة لفلسطين المحتلة حيث سيتمّ رفع الاعلام اللبنانية من قبل جميع المشاركين فيها، لتكون رسالة الى المجتمع الدولي وإظهار الحالة الشعبية التي هي في صلب الصراع مع العدو الاسرائيلي.
وأشار الى أنّ الترتيبات الخاصة بانجاح هذه الحملة أصبحت في مرحلة متقدّمة. وجدّد الدعوة، عبر «الديار» لجميع اللبنانيين من البقاع والجبل لأنّها ليست محصورة بأبناء المدن الساحلية، الى المشاركة بفعالية في هذا اليوم الوطني، كما دعا نقابات صيادي الأسماك المنتشرة على الشواطىء اللبنانية مواكبة قافلة اليخوت والمراكب بقواربهم، بهدف «تأكيد حقّنا في ثروتنا البحرية واستعادة حدودنا المائية التي يحتلّها العدو الاسرائيلي».