خاص- كتب شربل صياح
بعد صدمة الإستحقاقات، من الفشل في إيصال نائب رئيس مجلس النوّاب يُؤمِن بالمعايير السيادية و الفشل أيضاً في إيصال رئيس حكومة يُؤمِن بالمعايير عينها ، طبعاً هنا لن أذكر إستحقاق إنتخاب رئيس مجلس النوّاب لأنّ الفشل يعود في عدم إيصال نائب شيعي حُرّ من قِبل الأحزاب المعارضة و هذا ما أدّى إلى تسليم مفاتيح السلطة التشريعية إلى الجلّاد الذي ساهم بفرض معادلة ٨ أذار على نواب ١٤ أذار آنذاك.
أمّا الفشل الأبرز ، يكمن في فشل خلق حالة شيعية سياديّة لكسر النمطيّة المسيطرّة على الطائفة الشيعية.
منذ الإنتخابات النيابية حتّى تاريخه، تعرّضت القِوى السيادية لنكسات عدّة ، كان من المفترض التحضير و الإستعداد لها . لكنّ تشرذم هذه القوى عبر سياسة غض النّظر أوصلت مرشّحين قوى ٨ أذار إلى المراكز التشريعية و التنفيذية.
إن المجلس التّشريعي ليس ساحة الشّهداء و لا إجتماع اللّجان هو جسر الرّينع.
إنّ المجلس النيابي هو ثاني مصدر للسطات بعد الشّعب اللبناني و منه ينطلق النّهج الّذي يسيطر على السّلطة التنفيذية للسنوات المقبلة و هذا توضيحاً لكلّ من يعتبر نفسه تغييري. للعمل بهدوء ، بفِطنة و برؤية واضحة المعالم لا بالهوبرة و الشّعبوية.
يركّز الإعلام كما الأحزاب اليوم ، على الإستحقاق الأساس في الجمهورية اللبنانية و هو الإنتخابات الرئاسية ٢٠٢٢ ، و كأن الأشهر الأربعة المتبقية قبيل إنتهاء العهد لا تعنيهم. هذه الممارسة ليست جديدة إنّما هي سبب من أسباب فشل القوى السيادة في البقاء في الموقع الضعيف.
و هنا يراودني سؤال ، متى يحين وقت المبادرات؟
ما الذّي يمكننا أن ننجزه في الأشهر الأربع المتبقية؟
يمكننا أن نفعل شيئاً ينقذنا اليوم و إلى ما بعد الرّئاسة و هو إقرار اللامركزية الإدارية .
كيف؟
للجنة الإدارة و العدل الدّور الأهمّ في البدء بإقرار المراسيم التطبيقية المتعلّقة باللاّمركزية الإدارية و تقديمها إلى الهيئة العامة لإقرارها نهائيّاً. يتطلّب إقرارها النصف زائد ، أي ٦٥ و ما فوق . و بعد إقرارها يبدأ وزير الدّاخلية في حكومة تصريف الأعمال بتنفيذها وِفق المراسيم.
بالمقابل ، إذا الشّعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر.
على الشّعب اللّبناني الرّافض لهيمنة الإحتلال، الرّافض لدفع ثمن مغامراتهم ، الرّافض للزّرع على البلكون و المسيّرات الدونكيشوتية والرّافض لدفع فاتورتيّ كهرباء و ماء ، أن يقوم بعصيان مدنيّ شامل ( و هنا سأشرح العصيان المدني :
هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثقة؛ في الهند (مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية)، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية.)
على الأحزاب السيادية أو على الأقل التّي تصنّف نفسها سيادية تغييرية تبنّي هذا المطلب من خلال دعم العصيان المدني و العمل البرلماني لحين إقرار اللّامركزية الإدارية.
توضيح بسيط لأحد النوّاب الرّافض لتقسيم أي بلدية إنّ أنجح المناطق على الصعيد الإنمائي ، الإجتماعي و الإقتصادي هي البلديات في الدّوائر الصغرى . أشهر نموذج لامركزي إداري هي باريس المقسّمة إلى عشرين دائرة و تبلغ مساحتها مئة و خمسة كلم٢ . ما المانع لبيروت التي تبلغ مساحتها تسعة عشر كلم٢ ، أن تصبح أجمل من باريس؟
لإقرار اللّامركزية الإدارية اليوم قبل الغد و البارحة قبل اليوم لأنّها الحلّ الأمثل و الواقعي و المُتاح للتدهور الإقتصادي و الإجتماعي و ذلك
قبل أن يتحوّل المجلس النيابي إلى هيئة إنتخابية وِفق المادة ٧٥ من الدّستور اللّبناني ؛ حيث نكون قد وضعنا القطار على السّكة بانتظار
الإستحقاق السياسي الأهمّ و ما بعده ، و تكون قد بدأت التّجربة اللّبنانية الأوليّة للمجتمع المركّب.