دائماً، تنشب خلافات بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وحزب الله، الا أن مدة هذه الخلافات لا تطول لأن جنبلاط يحفظ دائماً خط الرجعة مع أكثريّة الأطراف.
لكن في بعض الاحيان “يشطح” في مواقفه تجاه حارة حريك ولفترة محدّدة، ليعود ويرسل الغزل السياسي في اتجاه قاطنيّ المنطقة المذكورة سياسياً وحزبياً، فلا يستطيع البقاء مطوّلاً في دائرة ” زعل” الحزب، فيما يفاجئ بالهجوم السياسي، ومن ثم يعود ليفاجئ الجميع بالكلام المعسول.
الى ذلك إلتزم رئيس ” الاشتراكي” مراراً ما يشبه الصمت في بعض الملفات التي لها صلة مع الحزب، منها على سبيل المثال لا الحصر، الأزمة الخليجية مع لبنان، مفضّلاً اختيار الحياد والترّقب، “لأن الأزمة كبيرة وسبل حلّها تصعب يوماً بعد يوم” كما قال حينئذ، ولربما ومن هذا المنطلق أراد جنبلاط التذكير بخطورة ما يحصل، لكن بعد فترة نفذ صبر زعيم المختارة ليعلن فجأة نفاد صبره تجاه حزب الله قائلا:” لقد صبرت عليه كثيراً، بعد إرتفاع أصوات المقرّبين من الرياض والخليج من حوله، إلى مطالبته بضرورة إتخاذ خطوات تحمي اللبنانيين العاملين هناك، لأنه ” يتلقى عشرات الإتصالات يومياً منهم، ومن أهاليهم الموجودين في لبنان، الذين ينقلون هواجسهم من عودة أبنائهم إلى البطالة، في حال تمّ الإستغناء عن خدماتهم، فيما تبقى دول الخليج المتنفس الوحيد لهم، والتي فتحت أبوابها لهم في ظل الإنهيارات التي تتوالى على بلدهم” . ثم أتت عبارة من جنبلاط إعتبر فيها أنّ” حزب الله خرب بيوت اللبنانيين في الخليج”، والتي أزعجت الحزب كثيراً، إضافة الى ردّه على كلام نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، الذي وصف جنبلاط كلامه بغير المسؤول والمدمّر، لكن حزب الله فضّل التزام الصمت حيال تصريح جنبلاط، لأنه يعرف أنّ الزعيم “الاشتراكي” سيعود ويستدير في اتجاهه بعد أيام قليلة، ومن ثم أتى التوتر بين الطرفين عشية الإنتخابات النيابية الأخيرة في أيار الماضي، بعدما وصف جنبلاط المعركة الانتخابية بأنها ” تحضير لاغتيال سياسي للزعامة الجنبلاطية الوطنية في الجبل وكل لبنان من قبل محور الممانعة”.
كل هذه المشاهد ” لم تترك للصلح مطرح”، الى أن عاد الغزل الجنبلاطي الأسبوع الماضي خلال تصريحه الأخير موجهّاً رسائل انفتاحية في إتجاه حارة حريك، يبدو أنها فعلت فعلها مع دعم كبير من ” الرفيق غازي” كما يسميه جنبلاط، مع الإشارة الى أنّ علاقة مسؤولي حزب الله مع الوزير السابق غازي العريضي جيدة، ليس من الآن بل من سنوات، وهو الوحيد تقريباً من الاشتراكيين الذي لم يهاجم الحزب مرة، كما لم يوّجه الانتقادات اللاذعة الى حليفة الحزب دمشق حتى في احلك الظروف
وسط هذه الايجابية التقى جنبلاط وبعد وساطة العريضي، مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، على ان يلتقيه مرة اخرى قريباً، لتنظيم التباين وإعادة الدروب بين الحزبين، كما لن يغيب الملف الرئاسي في اللقاء الثاني، مع اقتراب المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية نهاية شهر آب المقبل، في ظل معلومات من مصادر اشتراكية بأنّ ” جنبلاط لم يحسم بعد موقفه من الملف الرئاسي، او من الشخصية المدعومة من قبله ” لانو بعد بكير وفي وقت”، خصوصاً انّ الاستحقاق الرئاسي مرتبط داخلياً وخارجياً، وبصورة خاصة مطوّق بمعطيات عديدة وبالاوضاع الاقليمية المحيطة بنا، والمهم ألا يحصل فراغ رئاسي، لكن علينا الانتظار قبل إعطاء الموقف النهائي”
وعلى خط حيادي، رأت مصادر سياسية مواكبة لسياسة المختارة، أنّ جنبلاط لن يدعم مرشحاً الى الرئاسة لا يوافق عليه حزب الله، والجواب سيتأكد بعد فترة وجيزة.