في تطوّر لافت على صعيد مكافحة الفساد في لبنان، أفادت معلومات خاصة بـ”ليبانون ديبايت” أن هيئة مكتب مجلس النواب ستعقد اجتماعها اليوم، ومن المتوقع أن توافق خلاله على إدراج طلب رفع الحصانة النيابية عن النائب جورج بوشكيان على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب للبتّ فيه.
ويأتي هذا المسار بناءً على كتاب رسمي ورد إلى رئاسة المجلس من وزير العدل، تضمّن ملخصًا عن التحقيقات التي أجراها النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، والتي أظهرت وجود شبهات خطيرة تتعلق بفساد وتلقي رشاوى وتهويل داخل وزارة الصناعة من قبل موظفين وفريق عمل بوشكيان، مقابل إنجاز معاملات لصالح بعض أصحاب العلاقة لا تستوفي الشروط القانونية، وصولًا إلى إثبات تورّط بوشكيان شخصيًا في هذه الممارسات.
وبحسب المعطيات، فإن كتاب وزير العدل الموجّه إلى مجلس النواب يتضمّن لائحة بأسماء 38 شخصًا دفعوا رشى للمدعو ليون كروميان، الذي كان يتردّد إلى وزارة الصناعة في الطابق الذي يضم مكتب الوزير بوشكيان، بصفة معلنة كمدير مكتب الوزير. وهو ما يكشف عن حجم التشابك داخل هذه الشبكة ويعزّز من ثقل الملف القضائي المعروض.
هذا الإجراء من شأنه أن يفتح الباب واسعًا أمام الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشة طلب رفع الحصانة وإقراره، وسط معلومات ترجّح عقد الجلسة المخصصة لذلك في نهاية هذا الشهر، ما ينذر بمرحلة سياسية وقضائية حسّاسة قد تحمل تبعات على أكثر من مستوى.
إلى جانب ذلك، علم “ليبانون ديبايت” أن طلب رفع الحصانة عن بوشكيان سيجبر الهيئة العامة لمجلس النواب على مناقشة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية خاصة تتولى التدقيق في ملفات وزارة الاتصالات، للتحقيق مع ثلاثة وزراء سابقين هم بطرس حرب ونيقولا الصحناوي وجمال الجراح، وذلك على خلفية ما أثير في السنوات الماضية من شبهات هدر محتمل في قطاع الاتصالات خلال تولّيهم الوزارة.
وتجدر الإشارة إلى أن اقتراح طلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية خاصة في ملف الاتصالات قد وقّع عليه أكثر من 26 نائبًا، ويتعلق بعدد من القضايا، أبرزها قضية مبنى قصابيان الذي استأجرته شركة “ميك 2” وسدّدت بدلات إيجار عن السنوات الأربع الأولى قاربت 10 ملايين دولار من دون أن تستفيد منه، حيث جرى توقيع العقد بموافقة الوزير الصحناوي، قبل أن يقرر الوزير حرب فسخه معتبرًا أنه يخفي صفقة مريبة من دون اتخاذ إجراءات كافية لحماية مصالح الدولة. كذلك يطال الاقتراح تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية الخاصة القضية المتعلقة بالكتاب الوارد من النيابة العامة عام 2019 بحق الوزراء المذكورين، والذي تضمّن معلومات مفصّلة حول الهدر الحاصل في استخدام مداخيل شركتي الخليوي لتمويل نشاطات اجتماعية متفرقة بقرار منهم، ما انعكس أعباءً إضافية على المال العام.
كل ذلك يطرح علامات استفهام جدية حول ما إذا كان مجلس النواب على عتبة فتح صفحة جديدة في مسار المحاسبة الحقيقية وعدم التغطية على أي من الملفات، أو ما إذا كانت هذه الملفات ستواجه مصيرًا مشابهًا لما سبقها من تسويات سياسية تبقى يد القضاء بعدها مغلولة. الأيام المقبلة وحدها كفيلة بتبيان حقيقة التوجّه الجديد.