تتّجه الأنظار إلى الموقف الأميركي من الملف اللبناني، في ضوء تسريبات وتصريحات تتوالى من واشنطن، تعكس توجّهات جديدة قد تُحدث تحوّلاً جذرياً في التعاطي مع “حزب الله” والدولة على حدّ سواء. فبينما تردّدت معطيات عن أن السفيرة الأميركية في بيروت، ليزا جونسون، حملت في جولاتها الأخيرة رسالة شديدة الاقتضاب ومباشرة شددت فيها على ضرورة إيجاد حل سريع لنزع سلاح “حزب الله”، برزت معلومات مثيرة للانتباه، تتقاطع بين الداخل والخارج، تتحدث عن تغيّر قد يحصل في ضوء الحوار الأميركي – الإيراني، وفي ظل تعثّر أهل الحكم في معالجة هذا الملف الشائك، وقد يصل إلى حدّ الحوار المباشر بين واشنطن وحزب الله.
هذا السيناريو، الذي يُخيّل أنه ضرب من الخيال، بدأ يُطرح في الأوساط السياسية والدبلوماسية بجدية، في ظل استعصاء المسارات الداخلية، وغياب الإرادة أو القدرة لدى الدولة اللبنانية على مقاربة ملف السلاح من ضمن الأطر السيادية والدستورية. وفي اعتقاد مصادر سياسية رفيعة أن هذه التسريبات لا يمكن النظر إليها كبالون اختبار فقط، بل هي تعبير عن تزايد النفور الخارجي من أداء الدولة اللبنانية، التي تبدو عاجزة عن تلبية الحدّ الأدنى من التزاماتها الدولية، ما يفتح الباب أمام مقاربات تتجاوزها.
تضيف هذه المصادر أن الأخطر في هذا المناخ، ليس فقط احتمال التفاوض مع حزب الله، بل ما يحمله هذا الاحتمال من دلالات بشأن تهميش الدولة ومؤسساتها، وتكريس معادلات أمر واقع خارج سلطة القانون، وهو ما يُنذر بتداعيات بالغة الخطورة على النظام السياسي، وعلى التوازن الداخلي.
يترافق هذا المشهد المُعقّد والمُظلَّل بمساحات لا تزال رمادية وغامضة، مع معلومات عن زيارة مرتقبة سيقوم بها المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم باراك، إلى بيروت، حيث يُنتظر أن يقدّم تصوراً أميركياً نهائياً حول مسألة سلاح الحزب، يتضمّن شروطاً واضحة وجدولاً زمنياً للتنفيذ، تحت طائلة التصعيد العسكري الإسرائيلي في حال المماطلة أو الرفض.
تأسيسا على كل ذلك، تقف الدولة اللبنانية أمام لحظة مفصلية: فإما أن تبادر إلى الإمساك بزمام المبادرة وتقديم رؤية وطنية جامعة لمعالجة ملف السلاح، أو أن تواجه عزلة دولية وتفككاً داخلياً، في ظل لعبة أمم تتبدّل قواعدها بسرعة.