كتبت ريتا بريدي في موقع JNews Lebanon
شهر أيّار، مزنّراً بالمواعيد والمناسبات، يحمل بين أيّامه رائحة الربيع والورود المتفتحة، فهو الشهر المريمي، شهر العذراء، وكذلك شهر “العائلة”. صحيح أنّ الكثيرين لا يعلمون أن اليوم العالمي للعائلة يُصادف الخامس عشر من أيّار، إلّا أنّ هذا الشهر بكامله يُشكّل فرصة لتكريم العائلة، والاهتمام بشؤونها، وإعادة تسليط الضوء على قيمها ومكانتها في حياتنا.
إنها محطة سنوية، للتذكير بأهمية تقدير أفراد العائلة والعمل على حمايتهم وحماية تكوينهم. فاليوم، وأكثر من أيّ وقتٍ مضى، تبدو العائلة كقلعةٍ تواجه رياح العصر، شامخة وسط عالمٍ صاخب، يزخر بالظواهر السريعة والغريبة، ويُعيد تشكيل العلاقات وفق معايير هشّة، متقلّبة. وللأسف تواجه عائلات اليوم الكثير من الصعوبات والعوامل التي تؤثّر عليها، في حين أنّها تسعى كل يوم للبحث عن المعايير التي تساعدها على الثبات بشكلٍ صلب. وسط عالم فيه الكثير من الضجيج، تبقى العائلة هي المكان الذي فيه نجد الهدوء والسكينة، الأمان والراحة.
وعندما سألنا الذكاء الإصطناعي عن أبرز التحديات التي تواجه عائلة اليوم، كانت الإجابة واضحة وصادمة في الوقت نفسه، فحكى عن ” تآكل التواصل الحقيقي”، “غياب الوقت النوعي”، ” تأثير الثقافة الفردانية والانفصال”.
من هنا، يصبح الحديث عن العائلة أكثر من مجرّد مناسبة، بل ضرورة توعوية ووجودية؛ كيف لا، وهي صورة للبيت، للمجتمع وللوطن.
فلنكن جزءًا من وعيٍ جديد يُعيد ترسيخ صورة العائلة الحقيقية ويثبّتها: رجل وامرأة وأبناء يجمعهم الحبّ والتفاهم، الإيمان والتكامل، لنعمل معًا على بناء عائلات متماسكة، نُعزّز روابطها، وندعم بيوتنا لتزدهر وتنمو في وجه التحديات.
تكريم العائلة لا يكون فقط بالكلمات أو الاحتفالات، بل بالفعل اليومي: بالوقت الذي نخصّصه لبعضنا، بالإصغاء العميق، بالمبادرة، بالعناية، وبزرع المحبّة في تفاصيل الحياة. فالعائلة، مثل الحديقة، تحتاج إلى رعاية دائمة، واهتمام مشترك من كل فرد فيها، كي تُزهر وتثمر وتُشرق وسط العالم.
فالنستعيد القيمة العميقة التي تختبئ خلف كلمة “عائلة”، هي المدرسة الأولى، حيث نتعلّم أبجديات الانتماء، المحبّة وأسس الحياة، وهي الملجأ الأوّل عندما حين تضيق بنا الأيّام، وعند كل فرحة نعيشها في دروب الحياة. في الشهر العالمي لتكريمها: العائلة؛ حيث تبدأ الحياة ولا ينتهي الحبّ.