مع اقتراب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي حُدّدت يوم 9 كانون الثاني المقبل، رأى المحلل السياسي علي حمادة أن “هناك تحركًا دوليًا واضحًا بشأن الملف الرئاسي، لكن التحرك الأساسي يجب أن يكون من الداخل”.
وفي حديث إلى “ليبانون ديبايت”، أضاف حمادة: “التحرك الدولي يشكل ضغطًا، وأن المرحلة الإقليمية الجديدة تستوجب انتخاب رئيس. لم تعد هناك، من حيث المبدأ، معوقات أمام انتخاب الرئيس الجديد، إذ كان حزب الله والثنائي الشيعي بشكل عام يعطلان الانتخابات بهدف فرض مرشحهما، رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية”.
وتابع، “سقط ترشيح فرنجية، لأن حزب الله سقط في اختبار القوة واختبار وحدة الساحات انطلاقًا من لبنان، إضافة إلى أن انهيار النظام في سوريا عمق من أزمة حزب الله، وساهم في التحول الجديد نحو صيغة أو مناخ جديد في المنطقة. وبالتالي، نحن قد نكون على مقربة جدًا من اختيار أو انتخاب رئيس جديد”.
واستكمل، “هناك نقطة شديدة الأهمية، وهي وجود محاولات للالتفاف على هذا الاستحقاق. ليست المحاولات لتهريب الاستحقاق بحد ذاته، وإنما لتمرير مرشح رئاسي يكون ضمنًا قريبًا من الثنائي الشيعي. هذه المحاولات تتمثل في طرح مرشح يكون انتماؤه العميق مضمرًا ومستترًا، بحيث يتم إخفاؤه تحت شعار ‘الوسطية’ وعدم الاستفزاز. يُطرح هذا المرشح على أنه لا يشكل تحديًا أو استفزازًا للثنائي الشيعي أو حزب الله”.
واعتبر أن هنا تكمن خطورة المرحلة؛ إذ قد يتم تمرير هذا المرشح بالتهريبة نفسها، ليُنتخب رئيسًا جديدًا يكون ضمنًا جزءًا من المحور، لكن بصورة مستترة. الدولة العميقة التي يسيطر عليها حزب الله حتى هذه اللحظة لا تزال ممسكة بالأجهزة الأمنية وبعض المؤسسات الحيوية في البلاد، إلى جانب شبكة مصالح واسعة. وبالتالي، هناك احتمال لانتخاب رئيس لا يعكس هذا التحول الكبير الذي حصل.
ولفت إلى أن الأسماء البارزة اليوم، بعد استبعاد فرنجية، هي الأسماء التي تُسمى “وسطية” و”غير استفزازية”. هذه المجموعة من الأسماء يجري طرحها لتمرير المرحلة لصالح الثنائي الشيعي، وتحديدًا لصالح حزب الله. وهذه هي المشكلة الحقيقية.
وذكّر بهذه المناسبة، أنه عندما يتم الحديث عن انتخابات رئاسة مجلس النواب، يكون رئيس مجلس النواب جزءًا من محور الممانعة أو وحدة الساحات أو ما شابه. ولكن عندما يأتي ذكر رئاسة الجمهورية، يبدأ الحديث عن عدم الاستفزاز وعن الوسطية، وهذه مشكلة كبيرة تحتاج إلى معالجة بالعمق.
وتابع: “المعالجة بالعمق تعني أن الثنائي لا يحق له أن يعرقل الانتخابات الرئاسية، وقد عرقلها لأكثر من عامين، تقريبًا عامين ونصف، أي ستة وعشرين أو سبعة وعشرين شهرًا. أضف إلى ذلك أن الثنائي يريد فرض أشخاص بعينهم واستبعاد آخرين، ومنع العملية الديمقراطية. خصوصًا أن مركز رئاسة الجمهورية هو مركز مسيحي، ولا يحق لمكون آخر أن يعرقل انتخاب رئيس من حصة مكون آخر. هذه هي تركيبة لبنان، وهذا هو تنوع لبنان. وحتى الآن، يرفض الثنائي أن يعترف بلعبة المكونات والتنوع. لذلك هناك مشكلة يمكن أن نواجهها”.
واستكمل: “ثانيًا، هناك أسئلة كثيرة تتعلق بجلسة الانتخابات. جلسة الانتخابات حتى الآن ليست واضحة؛ فلا يوجد التزام واضح من رئيس مجلس النواب أولًا بافتتاح الجلسة، وثانيًا بافتتاح الدورة الأولى ثم الدورات المتلاحقة من دون محاولة تهريب النصاب، وفقًا للسياق السابق الذي اعتمد خلال عامين وثلاثة أشهر. وبالتالي، هناك احتمال كبير للتعطيل إذا ما رأى الثنائي أن من يمكن أن يفوز بالانتخابات قد لا يكون مرضيًا له”.
وقال: “المشكلة الثانية هي التشتت المسيحي، وتحديدًا الماروني، والذي بات مخيفًا حقيقةً. هذا التشتت يتعلق بالترشيحات والصفقات الجانبية ومحاولة الالتفاف على بعضهم البعض، حيث نشهد تنافسًا محمومًا وضربات تحت الطاولة، إذا جاز التعبير. وبالتالي، المشكلة ليست فقط في الثنائي، بل أيضًا في الصف المسيحي، وتحديدًا الماروني، حيث هناك أفواج من المرشحين؛ بعضهم جدي والبعض الآخر غير جدي نهائيًا، إنما هدفهم قطع الطريق على بعضهم البعض”.
واعتبر أنه من هنا يمكن أن ينجح الثنائي في تمرير “التهريبة” يوم 9 كانون الثاني، وإيصال رئيس بلا طعم، بلا لون، وبلا موقف. وعمليًا، يكون هذا الرئيس، بشكل مضمر ومستتر، تحت تأثير كبير من الثنائي.
وختم حمادة بالقول: “هناك بدايات نلمحها لتمرد على قرار وقف إطلاق النار الذي وقعته الدولة اللبنانية، والذي وقعه أحد أركان الثنائي برضى وموافقة حزب الله. هناك محاولات لاختيار بنود معينة من الاتفاق واستبعاد بنود أخرى، مثل مسألة نزع السلاح، ليس فقط جنوبي الليطاني، بل شمالي الليطاني أيضًا، وتنفيذ قرار حل “الميليشيات” على كل الأراضي اللبنانية. وهذه مشكلة كبيرة سوف نواجهها في الأسابيع والأشهر المقبلة”.