“المعارضات الشيعة ” تحاول التكتل اليوم للتحول إلى قوة سياسية مستندة إلى سقوط ما تسميه “خطاب نحمي ونبني” وإلى تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، لتعيد وفق خطابها هيبة الشيعة إلى الدولة.
“خطوة نحو الإنقاذ” هو العنوان الأبرز الذي قرر عدد من المستقلين والمثقفين في الطائفة الشيعية، تبنّيه من خلال إطلاق وثيقة سياسية تهدف إلى تنظيم صفوفهم وتقديم خطاب شيعي جديد، بعد النكبة التي مُني بها الشيعة اليوم على مختلف الأصعدة، فقد استُهدفوا بالقصف بشكل يومي، وتعرضت مناطقهم للتدمير، انهار اقتصادهم، وكانت النكبة شاملة على المستويات العسكرية والمالية والسكنية.
“خطوة “نحو الإنقاذ” هي باختصار محاولة لإنقاذ ما تبقى وما يمكن إنقاذه تمهيدًا لعودة الشيعة إلى الوطن وبناء الدولة، ذلك لأنه لا يمكن لأي طرف في هذا البلد أن يبني كانتونًا خاصًا به ويظن أنه قادر على حكم الآخرين من خلاله، إذ إن بناء الدولة هو الذي يحمي الشيعة وكل المواطنين، سواء كانوا شيعة أو من الطوائف الأخرى.
لهذه الأسباب “اختار هؤلاء المستقلّون، ومعهم أعداد كبيرة من المستقلّين المسيحيين والسنّة والدروز، أن يطرحوا وثيقة وطنية للإنقاذ تبدأ بقراءة النكبة الشيعية وتنتهي بإعادة الشيعة إلى الدولة بعد أن كانوا خارجها لعقود نتيجة مغامرات عسكرية ظن خلالها مليون شيعي في لبنان أنهم قادرون على حكم 400 مليون عربي، من خلال التجنيد الإجباري المذهبي الإيراني الذي فرضته الجمهورية الإسلامية على شيعة لبنان ليكونوا فوج التدخل الإيراني الأول في المنطقة، في سفر برلك طويل امتد لسنوات، واليوم حان الوقت لخروج الشيعة من عباءة “الرجل المريض في المنطقة”، أي إيران، التي تتساقط محاولاتها الإمبراطورية”.
هذا الحراك المستجد يظهر رفض هؤلاء للمحاور المذهبية، ويؤكد إصرارهم على بناء الدولة التي تحمي الشيعة وبقية المكونات، وهم يتمسكون بفكرة الدولة، أي المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، والانتخابات النيابية الديمقراطية، والالتزام بالدستور، والإصلاحات، ومحاربة الفساد والفاسدين، ووضع الشخص المناسب في المنصب المناسب، كما يطالبون باللامركزية الإدارية التي تمنح المناطق حق إدارة شؤونها بشكل عادل، بعيدًا عن تسلط جماعات على الآخرين بقوة السلاح”.
يسعى هؤلاء المثقفون في تحركهم إلى مقارنة ما كان عليه الشيعة منذ عام مضى وما سيكونون عليه في المستقبل، لذلك يصرون على مفهوم الدولة الذي يوازن بين الطوائف، والقانون الذي يحمي الحقوق والواجبات. لأن الطائفة القوية قبل عام، صارت ضعيفة، والعكس بالعسك، والميزان هو الدولة التي تساوي بين الجميع أيا كانت الموازين الدولية.
وقد انضم إلى هذه المبادرة العديد من الشخصيات الشيعية وغير الشيعية، وسيتم التطرق إلى ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي سيُعقد غدًا، وكأي حركة سياسية جديدة، تبدأ هذه المبادرة من شخصيات معروفة وتوسع عملها تدريجيًا، مع وضع إطار تنظيمي لها، وهي تأخذ في اعتبارها منطق الترغيب والترهيب الذي قد يعترض طريقها، خاصة في ظل الظروف الحالية المتعلقة بإعادة الإعمار وصرف التعويضات.
ويبدو أن المستقلّين في الواقع الشيعي اليوم يملكون ما يعولون عليه لنجاح خطوتهم هذه، وهو التغير في المزاج الشيعي، حيث انضم الكثيرون إلى التشكيك في المغامرات التي جرت على حسابهم. هناك الكثير من الأشياء التي قد تغيرت بالنسبة لهم.
غدًا الأربعاء، سيتم إطلاق الوثيقة السياسية في نقابة الصحافة الساعة 11 صباحاً، وبعدها سيبدأ العمل على وضع إطار تنظيمي. على أمل أن تشكل هذه الخطوة بداية لتغيير الواقع الشيعي أولاً، ثم الواقع الوطني ثانيًا.