كتبت نوال برّو في “نداء الوطن”:
مفاجأة جديدة فجّرها رئيس “حزب التوحيد العربي” وئام وهاب بعدما نصح في مقابلة تلفزيونية الشيعة بالتطبيع والسلام مع إسرائيل. وهّاب الذي اعتبر أن التعامل مع الشيطان ضروري أحياناً لحماية العشيرة، ليس الوحيد الذي ينادي بالسلام فيما يعتبره لبنانيون عدوّاً أزلياً. فالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وفي عظة قداس الأحد دعا إلى الصلاة من أجل جعل وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان سلاماً دائماً وعادلاً وشاملاً.
الحديث الذي كان محرّماً ويصب في خانة العمالة والتخوين بات شبه مقبول بين كثير من اللبنانيين. فهل نحن على أبواب السلام مع إسرائيل؟ لا شك أن سقوط النظام السوري شكل مفترق طرق قد يقود ليس فقط لبنان، بل الشرق الأوسط بأكمله إلى السلام مع إسرائيل. فانقطاع طريق الإمدادات العسكرية عن “حزب الله”، ومحاصرته وخسارة إيران حليفها الاستراتيجي، كلها مؤشرات قد تغيّر وجه لبنان والشرق الأوسط على حد سواء.
مؤسس “دار الحوار” بشارة خيرالله أكد أن “السلم آتٍ ولو بعد حين، فسوريا ستذهب حتماً إلى سلام مع إسرائيل بغض النظر عن شكل الحكم الذي ستتبناه السلطة الجديدة. وبعيداً من التغييرات الطارئة، قد تشكل الدعوات المتتالية إلى السلام صرخات تمهيدية لأمر قد يتم، عاجلاً أم آجلاً، استناداً إلى الظروف اللاحقة”. ووفقاً لخيرالله، “السلم بين لبنان وإسرائيل لن يتم قبل إتمام السلام بين السعودية وإسرائيل، لأن الأمر يحتاج إلى غطاء عربي واسع تقوده السعودية. فلبنان يتغنى بالمبادرة العربية للسلام التي وقعت في بيروت عام 2002 والتي تدعو إلى اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهياً، مع المطالبة بحل الدولتين”. وبحسب خيرالله، “إضافة إلى الغطاء العربي الكبير، الأمر يتطلب حل المشاكل القائمة بين لبنان وإسرائيل، خصوصاً تلك التي تتعلق بترسيم الحدود البرية. وفي هذا السياق يمكن اعتبار أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان الذي تم بوساطة أميركية عام 2022 نقطة تحول في عقلية “حزب الله” بأن الدبلوماسية قادرة على حل مشكلة الحدود البرية أيضاً”.
أما العقيدة التي ترفض رفضاً قاطعاً وجود إسرائيل، فهي وبتحليل خيرالله، قد تتعدل وفقاً لفتوى أو اجتهاد يصدر عن المرشد الأعلى الإيراني علي الخامنئي إلى “حزب الله” تشكل مخرجاً نحو السلام مع إسرائيل.
إذاً، الشرق الأوسط الجديد الذي يتم رسمه قد يحمل للبنان ما ليس في الحسبان. وعلى الرغم من بعض الآراء التي تعتبر هذا الأمر خيانة للقضية الفلسطينية، إلا أن “كبسة الزر” التي سمحت بإبادة الشعب “الغزاوي” وأسقطت نظام الأسد الذي صمد أمام كل أنواع التحديات 53 عاماً، قد لا يكون صعباً عليها، أن تعمل على تمييع القضية الفلسطينية واستكمال التطبيع.