كتبت لارا يزبك في “المركزيّة”:
عد ٥ أيام من الثورة السورية التي أطاحت بحكم آل الاسد وشكلت صفعة قوية لمحور المقاومة عموما ولحزب الله ككل، أطل الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في كلمة متلفزة معلقا على هذه التطورات. وفي موقف لافت، أقر قاسم بخسارة طريق إمداد حزبه عبر سوريا، لكنه اعتبر الامر “تفصيلاً صغيراً”، مراهناً على إمكانية “عودة المعبر” أو “البحث عن طريق جديد”. وشدّد قاسم على أن دعم “حزب الله” لسوريا كان باعتبارها “خصماً لإسرائيل”، مشيراً إلى “دورها في تعزيز قدرات المقاومة”. وقال إن “سقوط النظام السوري على يد قوى جديدة يفرض انتظار استقرار الأوضاع لتقييم توجهها”. وأعرب عن أمله بأن يكون النظام الجديد “متعاوناً مع لبنان بشكل متكافئ، وأن يشارك جميع الأطراف في صياغة الحكم بما يحقق المصلحة العامة للمواطن السوري”. كما دعا إلى إعلان إسرائيل عدواً وعدم الانجرار نحو التطبيع معها.
وشدد قاسم على أن “شرعية المقاومة تأخذها من إيمانها بقضيتها مهما كانت الإمكانات، والمقاومة قد تستمر 10 سنين أو 50 سنة وهي تربح أحياناً وتخسر أحياناً أخرى والمهم استمرارها في الميدان”.
مِن وصف الثوار بالارهابيين ومِن اتهام مَن اطاحوا بالاسد بالعملاء لاسرائيل واميركا، انتقل حزب الله الى الدعوة للتريث حتى تبيان سلوك الادارة الجديدة في سوريا وتوجهاتها قبل الحكم عليها، وهو امر جيد، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، يؤشر الى ان زمن فوقية الحزب وتوزيعه الشهادات بالوطنية والعمالة على هذا او ذاك في الداخل والخارج، ولّى، بعد مآل حرب الاسناد ونتائجها.
قاسم كان يفضل الا يطل على الاعلام والا يعلّق على كل المستجدات المتواترة، غير انه يدرك انه لا يمكنه ان يصمت الى ما لا نهاية، ولهذا السبب كان خطاب السبت.
قاسم قال الحقيقة “خسرنا” لكنه حاول ان يلطفها، بالتأكيد أن الحزب سيجد طرق إمداد جديدة، وهو موقف موجه للبيئة الحاضنة فقط. ذلك أن قاسم يدرك ان لا سلاح سيأتي بعد اتفاق وقف النار وما أعطاه لإسرائيل من “صلاحيات”، لا من سوريا ولا من سواها، وان كل ما تراه تل ابيب يهدد امنها، جنوب الليطاني او شماله، ستضربه.
وقول قاسم ان المقاومة لم تنته والجيش العبري لم يتمكن من انهائها ولذلك هي “انتصرت”، ليس الا لتجميل الواقع ايضا وتغطية الحقيقة المرة التي ايضا يعرفها قاسم جيدا: هو موت بطيء ستموته ذراع الحزب العسكرية بعد ان قطعت إسرائيل عنها اوكسيجين السلاح.
من الان فصاعدا، تختم المصادر، ستكون خطابات قاسم على هذا النحو. فتقلبات المنطقة مرت ثقيلة على حزب الله، ونقلته من موقع “الاقوى” والى موقع المحشور، ومن لهجة التهديد والتخوين، الى لهجة منخفضة السقف فيها لغة خشبية بائدة خاصة عن السلاح، لزوم عدم صدم الشارع والبيئة اذا قال إن هذا السلاح ستنفد ذخيرته وأنه اصبح غير ذي جدوى محليا واستراتيجيا، تختم المصادر.