كتبت زينب زعيتر في “المدن”:
اكتسبت دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لانتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من كانون الثاني من العام المقبل، أهمية مزدوجة، بتزامنها مع اعلان وقف اطلاق النار، والاحاطة بجو التفاهمات الاقليمية والدولية، وخصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. هامش الوقت متاح لكافة الأطراف قبل الموعد، باعتباره موعداً حاسماً وليس للمناورة أيّا تكن الظروف، وباكتسابه قدراً كبيراً من الجدية، وخصوصاً في ظل المعطيات السياسية الأخيرة والمتغّيرات الدراماتيكية التي غيّرت المعادلات كافة.
بازار الأسماء الرئاسية
يمضي لبنان قدماً مع عوامل التحفيز الخارجية لانتخاب رئيس، وفي الداخل بدأت الاتصالات واللقاءات بما يتعلق اولاً بمواصفات الرئيس للتوصل لاحقاً إلى حصر الاسماء بمجموعة محددة قد لا تتخطى الخمسة مرشحين. وقد تنتج المرحلة المقبلة خلق تحالفات جديدة أو تفاهمات بين الأخصام لحرق أسماء وتلميع صورة اسماء ثانية، فمنها ما يبقى للتسويق الرئاسي وغيرها تُرحل إلى خبر كان.
وعليه، فتح الباب على مصراعيه أمام بازار الاسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية اللبنانية. أسماء ثابتة اعتدنا عليها، طالما أنّها باتت متداولة عند كل استحقاق رئاسي، واخرى مشغولة على قاعدة رمي الاسماء “لحرقها”. بانتظار أن تُحسم الأسماء ضمن جوجلة مرتقبة ما قبل 9 كانون الثاني. فمن هم أبرز المرشحين؟
العماد عون وفرنجية
أولى الأسماء وربما أبرزها اليوم، قائد الجيش العماد جوزاف عون. برز اسمه بمراحل مفصلية مؤخراً، وخصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان. لعون علاقة وطيدة مع الغرب، ولكنّه لغاية اليوم لم يتمكن من جعل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ولا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يتفقان على إسمه تماماً، على الرغم من أنّه يحظى بالدعم الدولي وبات اليوم أمام اختبار حقيقي بعد انتشار الجيش على الحدود، كمرحلة تمهد له الطريق إلى قصر بعبدا. وأيًا تكن الأسباب إلأ أنّ عون هو الأوفر حظاً لغاية اليوم.
وعلى قاعدة رضا “الثنائي الشيعي”، يبقى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مرشح الفريقين اللذين لم يتخليا عنه، بينما المؤشرات السياسية توحي بأنّ حظوظه قد تكون انخفضت، وبأنّ ترشيحه قد يكون طوي مع صفحة وثيقة الاتفاق الأميركي لاعلان وقف الحرب على لبنان، ومع سقوط نظام بشار الأسد، وبالتالي فانّ حظوظه اليوم قد تكون انعدمت.
وفرنجية كان قد حصل على 51 صوتاً مقابل 59 للوزير السابق جهاد ازعور في الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية في 14 حزيران 2023.
سمير جعجع
وفي حال إصرار الثنائي الشيعي على إسم فرنجية والمضي قدماً بترشيحه، هنا سيكون رئيس حزب القوات سمير جعجع مرشحاً طبيعياً لرئاسة الجمهورية، وخصوصاً أنّه يطرح نفسه ولا يمانع متى تم توفير الدعم والحشد له. وهو ما اكدّه النائب باسيل في حديث سابق مع “المدن” عندما تحدث وكأنه على استعداد لدعم جعجع بطرح اسمه لرئاسة الجمهورية من بين الأسماء المطروحة لدى التيار الوطني الحر. غير أنّه من الثابت أنّ باسيل لن يدعم جعجع، وما نقله كان لمجرد الإيحاء بذلك وعلى سبيل المناورة بطبيعة الحال، بينما في المقابل جعجع مستعد ولكنّه يتريث لحين أن “تحرق” الأيام المقبلة العدد الأكبر من الأسماء وتُستنفد من التداول، حينها يرمي بترشيحه رسمياً. وفي اللقاء الاخير للمعارضة في معراب، وعندما سأله النائب أشرف ريفي ما إذا كان مرشحاً، قال له جعجع “انتظر قليلاً”.
نعمة افرام وابراهيم كنعان
ومن الأسماء المطروحة اليوم، نذكر النائب نعمة افرام. افرام الذي أعلن ترشحه رسمياً واستعداده “لتحمل وتولي المسؤولية الوطنية”، هو الذي ربما لم يحظى لغاية اليوم بالرضا المسيحي، وعُلم من جعجع لم يعلن لافرام عن نيته لدعم ترشحيه بعد زيارة قام بها افرام إلى جعجع في اليوم التالي على اعلان ترشحه. وافرام المقرب أيضاً من بكركي كان قد خاض الانتخابات النيابية على لائحة التيار الوطني الحر، ولكنّه فكّ التحالف بعد أحداث تشرين 2019. غير أنّ افرام لا يحظى بموافقة شيعية على إسمه.
وبإعتباره إسم غير مستفز، تم طرح اسم النائب إبراهيم كنعان. يحظى ببركة بكركي أيضاً، وهو النائب الذي خرج عن عباءة التيار الوطني الحر، بعدما كان يُعد من “صقور” التيار بعد صراع طويل مع باسيل. ويحظى كنعان بالرضا الفرنسي، وخصوصاً بعدما تم التداول أنّ الموفد الفرنسي جان ايف لودريان طرح لائحة سداسية باسماء شخصيات سياسية “غير مستفزة” من بينها كنعان.
أمّا بقية الأسماء فهي إلى جانب كنعان وقائد الجيش، الوزير الاسبق زياد بارود، والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللّواء إلياس البيسري، والنائب نعمة افرام، ورجل الأعمال والمصرفي سمير عساف.
سمير عساف
وبالتالي، يدخل اسم جديد إلى بازار الأسماء وهو رجل الأعمال والمصرفي سمير عساف. يحظى الأخير بالرضا الفرنسي وخصوصاً الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ولكن ليس معلوماً لغاية اليوم هل يمكن للدور الفرنسي في المنطقة أن يوصل مرشح للرئاسة. وعساف هو رئيس الخدمات المصرفية للشركات والمؤسسات في مجموعة “إتش إس بي سي” والمدير الإقليمي للشركة ذاتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا منذ 2016، ورئيس مجلس إدارة الشركة غير التنفيذي في فرنسا. تربطه علاقة صداقة بماكرون، ووقف إلى جانبه خلال حملته الانتخابية في العام 2016، ونظّم له نشاطات، من بينها عشاء في منزله بلندن.
اللواء الياس البيسري
ولدى البحث عن مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، يبرز فوراً اسم اللواء الياس البيسري، المدير العام للأمن العام بالانابة. يُعد على مسافة واحدة من مختلف الأفرقاء، ويحظى بدعم داخلي لبناني ومسيحي على حد سواء، ودعم من المجتمع الدولي. ويُعد اسم البيسري من الاسماء المرشحة التي طرحها النائب جبران باسيل.
بارود والخازن
وكذلك، يتمتع الوزير السابق زياد بارود، بدعم باسيل والفرنسيين على حد سواء. غالباً، يرفض بارود أن يتم إدارج إسمه في بازار الاسماء، ولكنّه يبقى المرشح “المعتدل” الذي يحظى بتأييد شعبي جيد.
في المقابل، يبرز اسم النائب فريد هيكل الخازن، يُعد من “حراس بكركي” وينتمي إلى التكتل الوطني المستقل. ورغم أنّه لا يعلن نفسه مرشحاً إلاّ أنّ إسمه يبقى ضمن الاسماء المتداولة، وخصوصاً إذا ما تم استبعاد اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية تماماً من السباق الرئاسي، فيتم اختيار نائب من كتلته.
جورج خوري
العميد جورج خوري، سفير لبنان السابق في الفاتيكان. يحظى بدعم باسيل، الرافض بشدة للمرشحين فرنجية والعماد عون، كما يحظى برضا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
وشغل خوري سابقاً منصب مدير المخابرات في الجيش اللبناني، وكان قد طرح اسمه للرئاسة بعد انتهاء عهد الرئيس الأسبق ميشال سليمان. وأمام استحالة احتمالية وصول فرنجية إلى سدة الرئاسة، فإنّ اسم خوري قد يكون له حظوظاً كبيرة، وخصوصاً أنّ كواليس البازار السياسي الرئاسي تفيد بأنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري هو من طرح اسم العميد المتقاعد، وكون بري هو المخول والمفاوض عن حزب الله، فبالتالي يحمل خوري رضا الثنائي الشيعي بطبيعة الحال.
ناصيف حتي وميشال معوض
إسم جديد خرج إلى التداول وهو وزير الخارجية الأسبق والسفير السابق ناصيف حتّي. تفيد المعلومات أنّ إسم حتي مطروح من قبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي السابق وليد جنبلاط من باب كسر الجمود والتفتيش عن اسم يحظى أيضاً بموافقة “الثنائي”. وشغل حتي منصب وزير الخارجية في حكومة الرئيس حسان دياب، وتمرس بالعمل الديبلوماسي من خلال جامعة الدول العربية، وشغل منصب الناطق الرسمي بإسمها ورئيس بعثتها في فرنسا وفي إيطاليا ولدى الفاتيكان.
ويبقى اسم النائب ميشال معوض قائماً على لائحة المرشحين، رغم أنّه أعلن سحب ترشحيه في وقت سابق.
ومن بين الاسماء المطروحة ايضاً، وزير الاتصالات الأسبق جان لوي قرداحي، الذي يحظى برضا باسيل، وكانت تداولت معلومات في وقت سابق تفيد بأنّ باسيل طرح أربعة أسماء للرئاسة، اضافة إلى خوري وقرداحي، وهما ناجي البستاني وزياد حايك.
جهاد ازعور
ويبقى اسم الوزير السابق جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، مطروحاً، وهو مرشح المعارضة، والشخص المتواجد في الواجهة المسيحية بعد انكفاء معوض عن الرغبة في خوض السباق الرئاسي. وأزعور حصل على 59 صوتا في آخر جلسة لانتخاب رئيس قبل سنة، وربما تبدلت اليوم المعطيات السياسية بين القوى التي أيدته في وقت سابق.
سليم اده
كذلك، برز اسم رجل الأعمال سليم إده، الابن البكر للوزير السابق ميشال إده. وهو من بين الأسماء التي طُرحت فرنسياً والتي تحظى باهتمام ماكرون إلى جانب قائد الجيش وسمير عساف. وإده اختاره أيضاً نواب التغيير كمرشح لرئاسة الجمهورية ووضعوا اسمه في صندوق الاقتراع في جلسة الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في العام 2022.
أيام تفصلنا عن هذا الاستحقاق الكبير، على الرغم من الايحاء الأميركي باحتمالية تأخر الانتخاب، بعدما نصح مستشار الرئيس المنتخب دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس، منذ لحظة تعيينه الأولى، اللبنانيين “بالصبر شهرين أو ثلاثة” لمن صبر “أكثر من سنتين على الفراغ”. وإذ لا يمكن التعويل بالمطلق على أنّ الجلسة الأولى ستؤدي لانتخاب رئيس للجمهورية، فإنّ كل الأسماء التي سبق ذكرها ستبقى ضمن دائرة “الأخذ والرد” إلى حين التوافق على مجموعة منها للوصول إلى صندوق الإقتراع وبالتالي إلى قصر بعبدا.