يزداد وهج المعدن الأصفر ويتألق كل يوم مع استمرار ارتفاع أسعاره عالميًا بسبب خفض الفائدة على الدولار الأميركي وشدة الطلب عليه من البنوك المركزية في العالم، فهل هي الأسباب المباشرة فقط وراء ارتفاع الأسعار؟ وهل حقًا الذهب هو الملاذ الآمن؟
يؤكد رئيس نقابة تجار الذهب والمجوهرات في لبنان، نعيم رزق، في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، أن المعدن الأصفر، أي الذهب، أثبت أهميته كعنصر ملازم لاقتصادات العالم، بما في ذلك لبنان. ففي عام 2000، كان سعر أونصة الذهب حوالي 250 دولارًا، مقارنةً بالسبعينيات عندما كانت تبلغ حوالي 35 دولارًا. بحلول عام 2010، وصل سعر الأونصة إلى 1000 دولار، وفي عام 2020 ارتفع إلى 1750 دولارًا. ومع بداية عام 2024، بلغ سعر أونصة الذهب 2300 دولار، أما اليوم، في نهاية العام، تجاوز السعر 2700 دولار. هذا يعني أن الذهب حقق زيادة كبيرة خلال العام الحالي، حيث ارتفع بمقدار حوالي 22,000-23,000 دولار للكيلوغرام الواحد.
ويرى أن الذهب يتجه نحو أرقام أعلى مستقبلاً، خاصةً مع التوجه المتوقع للفيدرالي الأميركي نحو خفض أسعار الفائدة حتى نهاية العام وربما خلال عام 2025، لافتًا إلى أن خفض الفائدة على الدولار يدفع المستثمرين للخروج من الدولار واللجوء إلى الذهب كملاذ آمن. وهذا الأمر طبيعي، لا سيما أنه لا يمكن للولايات المتحدة الاستمرار في الحفاظ على الفائدة المرتفعة لأنها تؤدي إلى ركود في مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك العقارات والبنوك والأسواق عمومًا. يُضاف إلى ذلك تأثير الفوائد العالية على الدين الأميركي، الذي بلغ حوالي 36 تريليون دولار، حيث تضع الفوائد السنوية عبئًا إضافيًا على الاقتصاد الأميركي، مما يجعل من الضروري تخفيض الفائدة لضمان استمرارية الحركة الاقتصادية.
ويستند في رأيه إلى أن كل الأخبار والتحليلات تشير إلى أن المعدن الأصفر في اتجاه صعودي. وهذا لا يقتصر فقط على شراء الذهب من البنوك المركزية، بل يشمل أيضًا جميع المواطنين في مختلف دول العالم، ولا يوجد مواطن في العالم اليوم إلا ويحتفظ بالذهب، خاصة مع تزايد الاعتماد عليه كملاذ آمن في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية.
أما عن تأثير الحرب التي مرّت على لبنان على الطلب على هذا المعدن، فيلفت إلى أنه خفّ كثيرًا، مميزًا بين نوعين من الطلب: الطلب للزينة والطلب للادخار. فذهب الزينة كان الطلب عليه أكبر، مشيرًا إلى أن هذا الذهب المشغول يُستورد خامًا من الخارج ويُصنّع محليًا. يُباع كيلو الذهب المشغول بأسعار تتراوح بين خمسة آلاف وسبعة آلاف دولار، وبين ثلاثة آلاف وعشرين دولارًا للكيلو، حسب النوع والجودة. الطلب على الذهب المشغول أصبح قليلاً جدًا ولا يلقى اليوم اهتمامًا واسعًا في الأسواق.
من جهة أخرى، الطلب موجود على الليرات الذهبية والأونصات. والأونصة تُعتبر خيارًا مناسبًا للشراء لأنها تحتوي على ثلاثين غرامًا من الذهب، ومع ذلك تبقى عمولتها محدودة جدًا، بنحو نصف دولار لكل غرام.
أما بالنسبة للسبائك الكبيرة، فطلبها أقل لأن سعرها مرتفع للغاية، يتراوح بين 85,000 و87,000 دولار. بالمقابل، الأونصات والليرات تناسب معظم المواطنين، لأنها تتيح للمستهلك الاستفادة من تغييرات الأسعار بسهولة. على سبيل المثال، إذا ارتفع سعر الأونصة اليوم مقارنة بالأمس، يمكن للمواطن بيع الليرة أو الأونصة بسرعة وتحقيق الربح، لسهولة التسييل والاستفادة من تقلبات الأسعار.
ويلفت إلى أمر هام بأن هناك تركيزًا عالميًا على الذهب، بسبب شح الموارد في المناجم العالمية. حيث تشير التقارير إلى أن حوالي 80% من المناجم في العالم تم استنفادها، وحتى إذا تم اكتشاف مناجم جديدة، فإن استخراجها يحتاج إلى سنوات طويلة، ربما سنتين أو ثلاث أو حتى خمس. لهذا السبب، الطلب على الذهب في تزايد مستمر، ما يجعله سلعة استراتيجية ومطلوبة جدًا.
أما عن نصيحته إلى اللبنانيين، فيبدي رأيه الشخصي، وهو أن المعدن الأصفر سيواصل صعوده. دائمًا أقول إن الذهب، بنوعه وقيمته، سيشهد أرقامًا جديدة في 2025. سواء من بداية العام أو حتى نهايته، أتوقع أن يتخطى أسعار 2700، 2800، و2900 دولار. هذا رأيي الشخصي بناءً على ما أراه من معطيات وتوقعات.
ويشير إلى أن كل من يحمل عملة ورقية يتجه إلى استبدالها بالمعدن الأصفر. أما السبيكة، فهي تُعتبر “خزينة”، ليست للزينة، وبالتالي لا يتم تداول المشغول فيها بأسعار مرتفعة مثل المجوهرات.
أسعار المشغول بالكيلو تتراوح بين 6,000 و7,000 و8,000 وحتى 10,000 دولار، في حين أن السبيكة تُباع بعمولة أقل، حيث يكون أجر الكيلو حوالي 200-300 دولار فقط. على سبيل المثال، كيلو الذهب المشغول الذي يُكلّف 7,000 أو 8,000 دولار، قد يُكلف 500 دولار فقط للعمولة عند تصنيعه على شكل سبائك.
ويشدد على أن الطلب على المجوهرات يقتصر على المناسبات الضرورية مثل الخطوبة أو الزواج، وبكميات بسيطة قد تصل إلى 100 غرام فقط، معللًا السبب بالوضع الاقتصادي المزري في لبنان وفي المنطقة بشكل عام، حيث انخفضت القدرة الشرائية بشكل كبير. حتى تلك القطع الصغيرة التي كان يتم شراؤها بشكل روتيني أصبح الطلب عليها أمرًا نادرًا.