نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية تقريراً جديداً تحدّثت فيه عن مدى إسهام إيران في إتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل والذي تمّ إعلانه يوم 27 تشرين الثاني الماضي.
ويقول التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24” إنَّ هناك آراء مختلفة بشأن دور إيران في الإتفاق، كما أن هناك تساؤلات عما إذا كانت وافقت عليه أو رفضته.
ويتابع: “يتكهَّن بعض العاملين في وسائل الإعلام بأنَّ إيران رأت أن وقف إطلاق النار المقترح يتعارض مع مصالحها الاستراتيجية من خلال تقويض نفوذها ضد إسرائيل، ولهذا السبب عارضته. في المقابل، يزعم البعض أنَّ حزب الله شرع في التفاوض على الاتفاق من دون الحصول على الضوء الأخضر من طهران”.
وأردف: “أغلب الآراء تتبنى وجهة نظر معاكسة، ويقال إنَّ إيران أصبحت ضعيفة للغاية بسبب الهزائم التي لحقت بوكلائها لدرجة أنها اضطرت إلى وقف إطلاق النار، وأن هذا يمثل انتكاسة كبرى لها”.
وتابع: “نظراً للدمار الذي ألحقته القوات الإسرائيلية بالبنية الأساسية لكل من حزب الله وحماس، فإن النظام الإيراني، الذي يجد نفسه تحت ضغط متزايد من جانب الجماهير الساخطة، لم يكن أمامه خيار سوى إنهاء الأعمال العدائية”.
ويضيف: “تُشير كل الدلائل إلى أنَّ إيران، وليس حزب الله، كانت القوة الدافعة وراء الجهود الدبلوماسية لإنهاء القتال في لبنان، حيث كانت تخشى أن تتآكل مكانتها في المنطقة بشكل أكبر كلما طال أمد الصراع”.
وأكمل: “لقد رأى بعض المعلقين أن الانقسام يتطور بين إيران ووكلائها الرئيسيين، حماس وحزب الله، وهم يعتقدون أن حزب الله المصاب بضربات كبيرة وبقايا حماس على استعداد أكثر من أي وقت مضى لإطالة أمد الصراع مع إسرائيل، معتقدين أنه كلما طال أمده، كلما تعرضت إسرائيل لمزيد من الضغوط من زعماء العالم لتقديم تنازلات. كذلك، يعتقد المحللون أن هذا هو السبب وراء رفض قيادة حماس المستمر قبول شروط وقف إطلاق النار التي توسطت فيها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن”.
ويشير التقرير إلى أن “عدم الرضا عن موافقة إيران على وقف إطلاق النار قد تحول إلى حديث عن الخيانة”، ويضيف: “من المؤكد أن هذا الاتفاق أدى إلى العديد من الخروقات لشروط وقف إطلاق النار من جانب حزب الله، الأمر الذي استلزم رداً عسكرياً مناسباً من جانب الجيش الإسرائيلي. وإذا كان حزب الله عازماً حقاً على استئناف الأعمال العدائية ضد إسرائيل، فإن فرصة تمديد الهدنة التي تستمر ستين يوماً سوف تتحول في نهاية المطاف إلى صراع إرادات مع إيران”.
وأكمل: “ربما كان الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول 2023 بمثابة إيذان ببداية عصر جديد من القوة الإيرانية. وإذا كان الأمر كذلك، فإنَّ الأحداث اللاحقة تبدو وكأنها تثبت أن الأمر كان على العكس تماماً، أي أنَّ السابع من تشرين الأول كان بمثابة ذروة القوة الإيرانية، ثم بدأ كل شيء في الانحدار منذ ذلك الحين”.
وقال: “منذ اللحظة التي طاردت فيها إسرائيل حماس إلى غزة، بدأت قاعدة القوة الإيرانية في التراجع. وعلى مدار العام الماضي، كان على النظام الإيراني أن يُشاهد حليفته حماس وهي تعاني من خسائر فادحة في القوى البشرية والمرافق، والتي بلغت ذروتها بالقضاء على زعيمها يحيى السنوار”.
وأضاف: “لقد تم تدمير حماس ككيان عسكري بالكامل في صراع طويل وشاق، كما تم إقصاؤها من حكم غزة، التي لم يعد بإمكان إيران اعتبارها منصة لإطلاق غزو وتدمير إسرائيل”.
وأكمل: “لقد كان العمل الدفاعي الإسرائيلي الحاسم والفعال رداً على هجوم السابع من تشرين الأول سبباً واضحاً في تقليص قوة إيران ونفوذها، كما أثبت النظام عجزه عن منع تدمير البنية القيادية العليا لحزب الله، بما في ذلك اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله”.
ويضيف التقرير بالقول: “يربط بعض المعلقين بين النجاحات العسكرية التي حققتها هيئة تحرير الشام وبين ضعف إيران الواضح وانشغال روسيا بصراعاتها في أوكرانيا. لم يتمكن أي من الطرفين من تقديم الكثير من الدعم للرئيس السوري بشار الأسد في الوقت الذي تقدمت فيه قوات هيئة تحرير الشام إلى شوارع دمشق، حيث استقبلتها حشود من المواطنين المبتهجين. فعلياً، فإن نظام الرئيس السوري بشار الأسد انهار، في حين انقلبت حلقة النار التي أطلقتها إيران على نفسها”.
ويردف التقرير: “إن سوريا ولبنان وحماس وحزب الله لا يمثلون الآن قوة إقليمية إيرانية لا يمكن المساس بها، بل نظاماً ضعيفاً ومتهالكاً. يبدو أن إيران ارتكبت خطأ استراتيجياً خطيراً، وربما قاتلاً، في نيسان 2024، عندما قررت تصعيد صراعها مع الغرب بشن أول هجوم جوي لها على الإطلاق على إسرائيل. هذا الهجوم وُوجه بتصدّ دفاعي أفشله حيث تم تدمير نحو 99% من الصواريخ والطائرات من دون طيار أثناء تحليقها وفشلها في الوصول إلى إسرائيل”.
وأضاف: “لقد ضاعفت إيران من فشلها عندما حاولت شنَّ قصف ثانٍ في الأول من تشرين الأول. ورغم نشر صواريخ أكثر قوة، فإن النتائج لم تكن أكثر فعالية إلا بشكل طفيف. ولعل الضربة الأكبر كانت في أن الهجمات الإيرانية المباشرة على إسرائيل أدت إلى شن غارات جوية انتقامية، وقد أشار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى أنها ضربت البرنامج النووي الإيراني”.
وتابع: “رغم أن النظام الإيراني تمكن من تحقيق بعض الانتصارات في حرب الدعاية ــ حيث نجح في إقناع العديد من الشباب اليساريين في الغرب بأن إسرائيل هي المعتدي في هذا الصراع ــ فقد هُزِم على أرض المعركة وتقلص نفوذه على المستوى الجيوسياسي. والواقع أن الأهداف الاستراتيجية التي عمل النظام من أجلها لسنوات تحولت إلى أحلام بعيدة المنال في غضون أشهر، ويبدو هدف الهيمنة الإقليمية الذي تسعى إيران إلى تحقيقه الآن أبعد من أي وقت مضى”.
وقال: “إن تفكك الشبكة التي بنتها إيران بعناية في الشرق الأوسط قد يكون له آثار عميقة على احتمالات بقاء النظام نفسه في
إيران. فبعدهما أنفقت إيران مليارات الدولارات على دعم وكالائها في مختلف أنحاء المنطقة، فمن المرجح أن يُواجه النظام هناك ضغوطاً متزايدة من جانب الناخبين الساخطين، فقد بلغ معدل التضخم حالياً 35%، وأكثر من 20% من الشباب عاطلون عن العمل”.