كتب داود رمّال في “الأنباء” الكويتية:
تواصل إسرائيل ارتكاب خروقات متكررة على الجبهة اللبنانية منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الانتهاكات تمثل محاولات لزعزعة الاتفاق، أو أنها جزء من المشهد المعتاد في مرحلة ما بعد التوصل إلى اتفاقيات مماثلة.
الخروقات التي تراوحت بين انتهاكات جوية وعمليات تحقيق مع مدنيين لبنانيين واستهدافات ميدانية محدودة، قد تكون رسالة ضغط سياسية أو عسكرية تسعى إسرائيل من خلالها إلى فرض شروط جديدة أو اختبار مدى قبول لبنان وبقية الأطراف بالتفسير الإسرائيلي لبنود الاتفاق.
ومع ذلك، فإن استمرار هذه الخروقات دون رد فعل دولي واضح يفتح الباب أمام احتمالات تصعيد غير مرغوب فيه.
وقال مصدر لبناني مسؤول لـ«الأنباء»: «يقع ضبط الانتهاكات الإسرائيلية بالدرجة الأولى على عاتق المجتمع الدولي، خصوصا القوى الراعية للاتفاق، وعلى رأسها الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. كما ان تأخير انطلاق عمل لجنة الرقابة المشتركة، يضعف فعالية وقف إطلاق النار ويترك المجال مفتوحا أمام تجاوزات قد تتسبب في انهيار الاتفاق».
ورأى ان «الأسباب وراء هذا التأخير قد تكون متعلقة بالتعقيدات اللوجستية والسياسية التي ترافق إنشاء آليات جديدة، خصوصا في منطقة متوترة كجنوب لبنان. إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على الأطراف الدولية التي لم تبد حتى الآن جدية كافية لتفعيل اللجنة وممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل».
وأوضح المصدر انه «مع ارتفاع حدة التوتر واستمرار الخروقات، يبدو الوضع أكثر خطورة مما يعترف به. إن التلكؤ في تنفيذ ورقة الالتزامات المتبادلة بين لبنان وإسرائيل يعزز المخاوف من انفجار الوضع مجددا».
وتابع «لبنان الذي يعاني من أزمات داخلية حادة، لا يملك ترف التعامل مع تصعيد جديد قد يكون مدمرا. وهنا تبرز الحاجة إلى تدخل أممي عاجل لتفعيل الاتفاقية ومراقبة الالتزام ببنودها من قبل الأطراف جميعهم. والتأخير في ذلك قد يدفع الأمور نحو مواجهة شاملة، خصوصا إذا استمر العجز في لجم إسرائيل ومنعها من المضي في سياستها التصعيدية».
وأكد المصدر على ان مسؤولية الأمم المتحدة لا تقتصر على المراقبة «بل تشمل أيضا الضغط الفعلي على الأطراف المعرقلة، وخصوصا إسرائيل للالتزام الكامل بوقف إطلاق النار. ويجب أن يترافق ذلك مع نشر قوات دولية إضافية لضمان استقرار المنطقة، وتوفير ضمانات حقيقية تمنع تكرار الانتهاكات».
واعتبر ان الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار «تمثل تهديدا جديا للاستقرار الهش على الجبهة اللبنانية. وما لم يتم التحرك سريعا من قبل المجتمع الدولي لتفعيل آليات المراقبة وتنفيذ الالتزامات، فإن الأمور قد تنزلق إلى مواجهة أوسع. ويبقى الأمل معقودا على دور أممي أكثر حزما وسرعة في إدارة هذا الملف المعقد».