في أعقاب الضربة القاسية التي استهدفت شارع فتح الله في منطقة البسطة الفوقا في بيروت، دعت “الهيئة اللبنانية للعقارات” إلى تجنب الاقتراب من الأبنية المتضررة بسبب الانبعاثات السامة والتفاعلات الكيميائية التي قد تهدد الصحة، مشيرة إلى صعوبة عمليات الإنقاذ جراء ضيق الأماكن المستهدفة، مما يستدعي التعاون مع الجهات الأمنية والدفاع المدني لتسهيل عمليات الإغاثة وتقليل الخسائر.
وفي هذا السياق، توضح رئيسة “الهيئة اللبنانية للعقارات”، المحامية أنديرا الزهيري، في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أن “منطقة البسطة في بيروت، والتي تُعدّ من أهم وأقدم أحياء المدينة، تتسم بكثافة سكانية عالية وتلاصق أبنيتها وضيق أزقتها، وتُقسم البسطة إلى “البسطة التحتا” و”البسطة الفوقا”، وهي من المناطق التي تعاني من مشاكل في البنية التحتية، مثل الحاجة الماسة إلى الترميم والاكتظاظ السكاني، مما يعيق التنقل”.
وتُشير إلى أن “معظم أبنية البسطة قديمة، ويعود عمر الكثير منها إلى أكثر من 60 عامًا، رغم وجود بعض الأبنية الحديثة نسبيًا، وللأسف، مع تصعيد العدوان وتوسّع مناطق الاستهداف، هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها استهداف هذه المنطقة ومحيطها”.
ومن هنا تؤكد أنه “لا ضمانة لأي مواطن بأن تبقى المناطق التي لجأ إليها النازحون وآهلها آمنة من الاستهداف، نظرًا لاستخدام أنواع الأسلحة المدمرة، مذكرة بأن محافظة بيروت كانت قبل الحرب، وقبل انفجار مرفأ بيروت، تمتلك أعلى نسبة من الأبنية المهددة بالسقوط، حيث تجاوز عددها 10.460 مبنى، موزعة بين الأحياء الكبرى، بما في ذلك البسطة، ثم جاء انفجار المرفأ والحرب ليزيدا الأمور تعقيدًا”.
وتُحذر الزهيري قائلة: “أحياء بيروت القديمة، التي تتميز بطابع تراثي أو حتى غير تراثي، وكذلك الأبنية الجديدة التي شيدت وفق معايير السلامة العامة، لن تسلم أيضًا من الضرر في حال لم تتضرر مباشرة من الغارات أو القصف، هناك أسباب أخرى للمباني الأخرى مباشرة وغير مباشرة تؤثر عليها، مثل قدم العهد وغياب الصيانة الدورية بسبب قوانين الإيجارات القديمة أو تصنيف الأبنية من قبل وزارة الثقافة حيث كلفة ترميمها وفق معايير وشروط دقيقة ومكلفة،كما أن إرتدادات المقذوفات الذكية الممنوعة دوليًا تؤثر بشكل كبير على متانة الأبنية وأسِسها مهما كانت ذات مواصفات عالية من معايير السلامة، خاصةً أن في هذه الأحياء القديمة والمتلاصقة ذات الكثافة السكانية العالية، قد إزداد عدد قاطنينها بسبب النزوح الكثيف من المناطق غير الآمنة”.
وتضيف: “ما زاد الطين بلة على منطقة بسطة الفوقا هو استخدام 6 مقذوفات مقاومة للتحصينات في منطقة مغلقة نوعًا ما لتلاصق أبنيتها وانحصار المساحة، مما سبب بضغط إضافي أدى إلى تضرر وتهدم وانهيار كلي وجزئي لعشرات الأبنية في موقع الاستهداف، وكان من الأفضل لو قامت البلديات بإجراء مسح دقيق ضمن نطاقها البلدي للعقارات وتصنيف حالة الأبنية ونسبة خطورتها، مما كان سيساهم في متابعة الأبنية المهددة وتدارك إنهيارها على روؤس المواطنين”.
وتختم الزهيري، بالقول: “رحم الله الشهداء والضحايا، ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين، ونؤكد أنه ريثما تنتهي هذه الحرب الشعواء، يجب وضع خطة طارئة وشاملة لهدم الأبنية التي قد تشكل قنابل موقوتة خلال فترة الهدنة ووقف العدوان مع علمنا أن تلك الأبنية لن تنتظر إنتهاء العدوان أو الحرب، خاصةً مع اقتراب فصل الشتاء ناهيك عن تداعيات مخلفات الحرب والمواد التي يتم استنشاقها ولا نعرف مدى خطورتها على صحة الإنسان”.