كتب محمد المدني في ليبانون ديبايت
أتى الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان ليكمل المشاهد الأخيرة من المسرحية الأميركية – الإسرائيلية حول وقف إطلاق النار، في وقت يعلم القاصي والداني أن إسرائيل بشخص بنيامين نتانياهو، ترفض وقف هجماتها على لبنان إلاّ بـ”ثمن كبير” هو رأس “حزب الله.”
إستبشر اللبنانيون خيراً بقدوم هوكشتاين نظراً لمعاناتهم وظروفهم القاهرة التي يعيشونها منذ قرابة الشهرين وهم ينتظرون لحظة إعلان وقف النار بفارغ الصبر. لكن إسرائيل أبعد ما تكون عن ذلك، فما تشهده كواليس المفاوضات في لبنان تذكّرنا بالمفاوضات التي كانت تحصل في مصر وقطر والتي دائماً ما انتهت بالفشل على يد الإسرائيليين الذين يشترون الوقت بالمفاوضات لاستكمال حروبهم التدميرية.
وللتأكيد على ذلك، فإن إسرائيل التي أجهضت أي اتفاق مع “حماس” في غزة رغم وجود رهائن إسرائيليين كان بامكانها استعادتهم، لن تسير باتفاق مع الحزب في لبنان، في وقتٍ تعتبر أنها حققت عدة انتصارات غير مسبوقة بدأت بعملية “البيجرز”، ولم تنتهِ باغتيال قيادات الحزب والتوغل براً إلى أبعد من حدود الليطاني.
نقطتان أساسيتان تتذرّع بهما إسرائيل لعدم التوصل إلى اتفاق مع لبنان، الأولى تتعلق بلجنة الرقابة على الحدود، إسرائيل تريدها برئاسة الولايات المتحدة الأميركية ومشاركة قوات بريطانية وألمانية، الأمر الذي يرفضه “حزب الله”، الذي يطالب بأن تكون برئاسة أميركا لكن أن تضم قوات عربية مصرية وأردنية.
النقطة الثانية تتعلق بحرية التحرك لإسرائيل على الأراضي اللبنانية إذ تريد منح نفسها حق التدخل العسكري في أي وقت تريد وتجاه أي هدف، الأمر المرفوض أيضاً من الحزب والدولة اللبنانية، لما فيه من انتهاك لسيادة لبنان إضافةً إلى أنه يشكل تهديداً للحزب وسلاحه على جميع الأراضي اللبنانية.
حتى أن بعض المطلعين على مسار المفاوضات يقول إن إسرائيل تطلب نزع سلاح “حزب الله” بالكامل، وإن رجوعه إلى جنوب الليطاني لم يعد بالهدف الذي يدغدغ الأطماع الإسرائيلية، اذ أن تراجع الحزب يحفظ حدود إسرائيل لجهة الصواريخ قصيرة المدى، لكن الخطر بالنسبة للإسرائليين يبقى قائماً بوجود صواريخ دقيقة بحوزة الحزب، والتي يتمّ إطلاقها من عدة أماكن بعيدة عن الجنوب.
رغم كل التفاؤل الذي يعمّمه البعض ورغم تجاوب الطرف اللبناني بشقيّه الدولة و”حزب الله” مع الطرح الأميركي، تبقى العبرة في ما يقرّره نتنياهو الذي يملك وحده مفتاح وقف النار اليوم والذي يتراوح بين حدّين: قدرة إسرائيل على تحمّل حرب استنزاف طويلة كما في غزة حتى تحقيق أقصى أهدافها، أو اكتفائها بما حقّقته من ضربات بما فيها إخلاء جنوب الليطاني من أي حضور للحزب وفقاً للطرح الأميركي الذي يحمله آموس هوكشتاين.
كل الأنظار تتّجه إلى لقاء هوكشتاين-نتنياهو في الساعات المقبلة الذي سيحمل الجواب الحاسم حول إمكانية إنهاء الحرب الآن أو استمرارها الى أجلٍ غير واضح أو معلوم بعد.