كتب عقل العويط
طموحي “السياسيّ” الأوحد أنْ أحظى – كـ”مواطن” – بما لم أتنعّم به مذ وعيتُ، أي بدولة الحقّ والقانون. ليس لي طموح أنْ أصير نائبًا ووزيرًا، ولا خصوصًا أنْ أتقدّم بالترشّح لدى “بابٍ عالٍ” و”دولة انتداب” و”وليٍّ فقيه” إلى منصب رئاسة الجمهوريّة (يا بئس هذه الطموحات، ويا لمهانتها، الآن وهنا).
أعرف أنّه طموحٌ غير متواضع البتّة، وأكاد أقول إنّه شبه مستحيل في ضوء المعطيات الموضوعيّة وفي المدى المنظور. لكنّه حقّي الشخصيّ والوطنيّ، وهو حقٌّ مطلق، وقد سُلِب منّي، وممّن هم مثلي، من طريق التهديد (التدجين) بالسلاح، والسلبطة والبلطجة والاغتيال والاستئثار والغلبة واستثارة الغرائز والعصبيّات، وبالتطاول على نظم الدولة، والاعتداء عليها، وانتهاك حرماتها، واغتصاب سلطاتها. حدّ أنّ لبنان صار مضرب مثل لمفهوم “جمهوريّة الموز” الذي عاد – بعد استفحاله – لا يُداوى، ولا شفاء منه.
دولة الحقّ والقانون هي طموحي “السياسيّ” (أقصد الوطنيّ) الأوحد، وهي حقٌّ لي، وسأظلّ أعمل بما ملك قلمي وقلبي وعقلي، من أجل تحقيق هذا الطموح، الذي فيه محضُ منفعةٍ عموميّةٍ لي ولكلّ مَن يزعم أنّه يؤمن بـ”الدولة”، ومؤسّساتها.
على نور هذين الحقّ والطموح، وفي ظلمة الأمر الواقع وهرطقاته السافلة، سياسيًّا ووطنيًّا، أروح أسمح لقلمي بإطلاق العنان لحقّي الشرعيّ في التعبير السياسيّ عن الرأي، وخصوصًا في مسألة منع انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، وفقًا للأصول الدستوريّة.
فهذا المنع يغتال الدولة، وليُسمَح لي بحرّيّة (يكفلها الدستور) القول إنّه يجعلها مطيّةً مركوبةً من ثنائيٍّ – سياسيٍّ – بغيضٍ للغاية، والأبغض منه أهلُ ذمّةٍ مسترخصون مسترئسون وسراياتيّون حكوميّون، طموحهم الأقصى أنْ يشاركوا في ركوب الدولة واغتصاب الدستور والسلطة و… رئاسات الجمهوريّة والحكومة و”سيّد نفسه”.
وهو يغتال الدولة، من طريق تفخيخ مجلس النوّاب وتخريب عقد دوراتٍ انتخابيّة مفتوحة لإنجاز استحقاق الرئاسة.
كيف يتمّ الاغتيال؟ بتهريب النصاب، وبترغيب أهل الذمّة وتدجين “شرفهم” (ميت من زمان)، وذرّ الوعود والغوايات في عقولهم، باستنبات مسوخ “الأرانب” المستنسخة التي تمارس الدعارات السياسيّة، وباستدراج الأطراف، ولا سيّما منهم الذين يعشقون تمريغ الجبين بوحول المراحيض، ويهوون تقبيل الأيادي السود القذرة والصبابيط والأرجل، بمن فيهم زمرةٌ من زعماء القوى السياسيّة والطائفيّة، نزولًا إلى كلّ مرتبةٍ وصفٍّ ونويئبٍ (تصغير نائب احتقارًا)، بالدعوة إلى “حوارٍ” (!!!!) يمهّد لـ”التفاهم” على شخص رئيسٍ “ممودر” و”مخصيّ”، وإنجاز الاستحقاق الدستوريّ الأوّل المهيض الجناح والمكسور الخاطر والمدعوس دعسًا على رقبته والكرامة.
هو “حوار” ماذا؟ وبالاستناد إلى أيّ آليةٍ دستوريّة؟ وفي أيّ موضوعٍ؟ أفي موضوع إعلان الحرب والسلم؟ أم في موضوع احتكار القوى العسكريّة اللبنانيّة النظاميّة السلاح دون غيرها؟ أم في مسألة تعيين الحدود وترسيمها شمالًا وشرقًا وغربًا و… جنوبًا؟
أ”حوارٌ” لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة؟ وبأيّ صفةٍ وحقٍّ يدعو أحدهم – أيًّا يكن – إلى “حوارٍ” كهذا؟ وهل يحاور أحدٌ أحدًا في انتخاب رئيسٍ لمجلس النوّاب، أم يُطبَّق الدستور في هذا الشأن بكل بساطة؟ علمًا أنّه، تحت إرهاب الدويلة التي تغتصب الدولة ليل نهار وصبح مساء ومدى الثواني والساعات والأيّام، لا رئيس للنوّاب إلّا هو!
“حوارٌ” كهذا هو البلطجة عينها، والسلبطة، وإنّما المشاركة فيه خيانةٌ وطنيّةٌ واغتيالٌ للدستور، وهو برهانٌ فصيح على استتباب “جمهوريّة الموز” التي لا دواء لها ولا شفاء منها إلّا بـ”الفصل السابع”، مهما تكن محاذيره وسيئّاته التي لا تُحصى. فتِّشوا عن “الفصل السابع” في كتاب الأمم المتّحدة!