يبدو الأمر غريباً فعلاً. أن يُعلن مصرف لبنان عن رفع الاحتياطي بما يقارب ٥٠٠ مليون دولار هو الخبر المالي الإيجابي الوحيد منذ أربع سنوات!
2
غرابة الأمر، عدا عن أنّنا لم نعد نألف الأخبار الإيجابيّة، هو أنّ هذا الإعلام يأتي في زمن تدقّ فيه الحرب باب حدودنا الجنوبيّة، مع ما يرافق ذلك من انكماشٍ اقتصادي ارتفعت وتيرته منذ ٧ تشرين الأول الماضي، إلى جانب الأزمات المعهودة من شغور الرئاسة والخشية من شغور قيادة الجيش.
يؤكّد خبراء ماليّون أنّ حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري كسب تحدّياً مهمّاً هو خفض حجم العملة الوطنية الى حدود ٥٣ تريليون، بما يمنع التضخم. وهذه المسألة تشكّل مدخلاً أساسيّاً في فرض الاستقرار النقدي القائم.
ويأتي في الإطار عينه وضع منصوري خطّة باشر بتنفيذها منذ ثلاثة اشهر لدفع مستحقات شركات الخدمات والمتعهدين مع وزارات الدولة في الكهرباء والاتصالات والتربية وجمع النفايات والصحة، وهي خطوة مهمّة خصوصاً أنّ تطبيقها تدريجي تجنّباً للتأثير على سعر الصرف عند تحويل تلك الشركات مستحقاتها بالليرة الى الدولار.
يبقى أن نعرف: كيف رفع منصوري الاحتياطي؟
اعتمد الحاكم بالإنابة على ايرادات الدولة التي زادت في الاشهر الاربعة الماضية نتيجة فرض منصوري معادلة: لا تمويل من اموال المودعين. بل ابحثوا عن ايرادات. وهذا ما ادى الى تفعيل مصادر الايرادات، بعد أن وُضعت الحكومة تحت الضغط بعد أن اعتادت على التحويلات من مصرف لبنان.
اعتمد منصوري على تلك الايرادات واستحصل مقابل جزءٍ منها على الدولار عبر مسارٍ مضبوط ومعروف المصادر. في حين جاءت ايرادات الدولة بالدولار لتزيد المبالغ نسبياً وتصل الى هذا المبلغ.
ماذا بعد؟ وهل سيتكرّر ما حصل؟
يؤكّد خبراء أنّ حجم المبلغ المالي الذي زاد في الاحتياطي سيؤمّن الاستقرار لأربعة اشهر اضافيّة، إلا أنّ هذه المهلة قد تزيد في حال استمر “المركزي” في اعتماد السياسة نفسها مع تعاون الحكومة معه، ما يعني أنّ الاستقرار سيتمدّد حينها أشهراً اضافيّة. ولا يستبعد خبراء أن نبلغ مرحلةً يستطيع فيها المصرف شراء الذهب.
ما سبق نقطة ضوءٍ في عالمٍ ماليّ يطغى عليه السواد. إلا أنّ حلّ مسألة المودعين، التي هي اساس الازمة المصرفية اليوم، تحتاج الى اصلاح عبر تشريعات باتت ضرورية للقيام بهيكلة القطاع المصرفي وتوزيع الخسائر.
وما دمنا في المناخ التفاؤلي، لا بدّ لنا من أن نسأل: هل تُحلّ مسألة المودعين في مطلع العام المقبل؟