كتبت بولا اسطيح في موقع الكلمة اونلاين
لا يُلام اللبنانيون الذين بعد ٣ سنوات على انفجار مرفأ بيروت لا زالوا يدققون ويسألون ويحاولون فهم سبب الكارثة التي ألمت بهم. عادة الاسباب تتضح فورا، يبقى الفاعل احيانا كثيرة مجهولا. لكن ان نبقى بعد كل هذا الوقت “نتحزر” عن سبب كل هذا الالم والدمار والحطام والموت، فغير مفهوم وغير مقبول.
حتى يومنا هذا يؤكد كثيرون انهم سمعوا صوت هدير طيران حربي سبق لحظة الانفجار.. صوت يؤكد مصدر امني لبناني انه لم يكن هدير طيران انما هدير الانفجار نفسه. اذ يؤكد المصدر ان التحقيق الذي اجرته الشرطة العسكرية وصل لخلاصة بعد تحليل التربة والتدقيق بموقع الانفجار ان ما انفجر لم يكن صاروخا. ويثبت المحققون العسكريون نظريتهم هذه بعدم تسجيل رادارات الجيش اي خرق اسرائيلي للاجواء اللبنانية في ذلك الوقت. ويضيف المصدر الامني:”هذه الخلاصات التي توصل اليها ايضا فريق الfbi والتي صيغت في تقرير رفع للمحقق العدلي لم يُعلن عنها رسميا عن الجيش اللبناني لان الملف بات في عهدة القضاء وهو المخول حصرا الاعلان عن نتائج التحقيقات”.
وبحسب المعلومات فان المحقق الحالي القاضي طارق البيطار كان انطلق من ٣ فرضيات بما يتعلق بسبب الانفجار: صاروخ، عمل امني داخل المرفأ ادى لتفجير النيترات او عملية التلحيم التي ادت للكارثة. وهو كان قد استبعد احد هذه الخيارات بوقت سابق وابقى على خيارين مع ترجيح انه توصل للسبب الحقيقي للانفجار ويركز ما تبقى من تحقيقاته في تحديد الطرف الذي اتى بالنيترات وخزنه واستفاذ منه.
ويقول المصدر الامني ان “التحقيقات العسكرية خلصت الى ان ما حصل هو تراكم اهمال وفساد وليس كما يصور البعض مخطط جهنمي ادى لهذه المأساة”.
وسواء اصابت وجهة النظر هذه ام لا، فان المهملين والفاسدين الذين يتحملون مسؤوليات في هذا الملف يفترض ان يواجهوا عقوبات سيواجهها اي مجرم آخر خطط او نفذ لان الاهمال والفساد هنا اتيا بنتيجة مماثلة ان لم نقل اكثر من اي عمل اجرامي يمكن تصوره.
الا ان مصادر مواكبة عن كثب للملف تعتبر انه لا يجوز الجزم راهنا بأن ما ورد في تقرير الشرطة العسكرية صائب مئة في المئة اذ لا يجب استبعاد تقاطع المصالح الدولية – اللبنانية على دحض فرضية الضربة الجوية الاسرائيلية.
ولعل اخطر ما شهده هذا الملف العام الفائت، ما باتت يهدد فعليا بالاطاحة كليا بالحقيقة والعدالة هو نجاح المتورطين بتحويل الصراع بين طالبي الحقيقة والعدالة وبين المتورطين والساعين لطمسهما، الى صراع قضائي داخلي يطيح بالمؤسسة التي يفترض ان تكون الحكم في هذه القضية. ويعتبر متابعون عن كثب للملف ان تورط قضاة كبار ان كان من خلال الاهمال او من خلال قرارات خاطئة اتخذوها او من خلال تواطئهم مع مستفيدين من النيترات، يجعل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة اصعب وابعد مما يتوقعه البعض.