كتب نقولا ناصيف في” الاخبار”
المفترض في نهاية تموز نهاية الولايات الطويلة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة المستمرة منذ عام 1993 الى الولاية الخامسة منذ 24 ايار 2017. المتوقع قبل الوصول الى اليوم الاخير فيها، ان يكون سلامة غادر لبنان في السرّ الى الشارقة موطىء قدمه في المرحلة المقبلة. بين تركيا والامارات اختار الثانية كي يستقر ويبدأ رحلة جديدة.
الى حين الوصول الى موعد نهاية الولاية، تبدو الخيارات المتاحة للحؤول دون الوقوع في شغور حائرة ومُحيِّرة:
1 – كما ان لا فراغ في رئاسة الجمهورية بحلول مجلس الوزراء وكالة في صلاحياته، كذلك في حاكمية مصرف لبنان يحل النائب الاول محل الحاكم عند انتهاء ولايته عملاً بالمادة 25 في قانون النقد والتسليف المنفذ بمرسوم والصادر في الاول من آب 1963، الى ان يصير الى تعيين خلف.
2 – بعدما قال رئيس البرلمان نبيه برّي انه لن يسمح للنائب الاول للحاكم، الشيعي، وسيم منصوري الحلول في منصب الحاكم عند انتهاء الولاية، بات المحسوب ان يحل النائب الثاني للحاكم السنّي سليم شاهين فيه.
3 – في بعض الاوساط القانونية الواسعة الاطلاع يدور التفكير من حول اقتراح مبكر يتوخى تجنّب الشغور في حال تعذر تعيين مجلس الوزراء حاكماً جديداً. بيد ان الاقتراح هذا يوجب موافقة سلامة اولاً. مفاده الانطلاق من المادة 27 في قانون النقد والتسليف بغية ادماج التغيب بالشغور. ما تنص عليه المادة 27، المقتصرة على الغياب، ان يصير الى اصدار الحاكم قبل نهاية ولايته بتكليف نائبه الاول الشيعي او نائبه الثاني السنّي الحلول محله اذا امتنع الاول او رفض ويفوض اليه صلاحياته. قرار كهذا بصدوره في خلال الولاية قانوني. على ان انقضاءها دونما انتخاب خلف وتبعاً لقاعدتيْ استمرار المرفق العام والضرورات تبيح المحظورات يمسي واقعياً، وان يفتقر الى قانونية جرّد جزءاً اساسياً منها انتهاء الولاية. الاجتهاد الوحيد المتاح عندئذ هو تفريق الغياب الموقت عن الشغور المشوب بقلق الاستمرار على غرار الرئاسة الاولى.
4 ـ الحل الامثل والمنطقي تعيين حاكم جديد في مجلس الوزراء بغالبية الثلثين. معضلتان تقيمان هنا: اولاهما تعذّر موافقة حزب الله على تسمية حاكم ماروني لا يحظى بموافقة الافرقاء المسيحيين على نحو ما يُصوَّر ترشيح الثنائي الشيعي سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية في مواجهة الكتل المسيحية الكبرى المعارضة له. ثانيتهما تعويض التجاهل المسيحي بالحصول على موافقة النائب جبران باسيل على مشاركة وزرائه في جلسة لمجلس الوزراء لتغطية النصابين الدستوري والسياسي للتعيين. يفترض ذلك مشاركة باسيل كذلك في الموافقة على المرشح للمنصب. الاهم ان حضور وزرائه يُقوّض الموقف السياسي المتشدد الذي اتخذه منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون بطعنه في شرعية تولي حكومة مستقيلة صلاحيات رئيس الجمهورية وانكاره حقها في ممارسة الحكم والاجتماع.
وكتبت” نداء الوطن”:
مصادر مطلعة على مجريات الأمور استنتجت أن “حزب الله” يريد أن يكون شريكاً كامل الدسم مع الأميركيين في التوافق على هذا الموقع. فالأميركيون معنيون تاريخياً بالبنك المركزي لأن اقتصاد لبنان “مدولر”، وقطاعه المصرفي كبير وممتدّ الى الخارج، ولأن هناك اقتصاداً موازياً تكافحه الخزانة الأميركية بحيث وقفت دائماً بالمرصاد لما تسمّيه “تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”، وغالباً ما كانت تتهم “حزب الله” بإحداث خروقات مجرّمة أميركياً، كما حصل مع البنك اللبناني الكندي وجمّال ترست بنك.
ما يريده الحزب، وفق المصادر عينها، هو التواصل غير المباشر مع الأميركيين بشأن هذا الموقع لاعتبارات بينها الشكل الجديد للقطاع المصرفي اللبناني، والذي ستكون للشيعة حصة فيه على اعتبار أن الرساميل الشيعية مطاردة في الخارج ولا ملجأ لها إلا لبنان. كما أن “حزب الله” حريص كل الحرص على الحفاظ على مؤسسة القرض الحسن، والتي هي الآن مخالفة، في أعمال تقوم بها، لقانون النقد والتسليف ومطارَدة أميركياً.ولا تستبعد المصادر الربط بين التعميم الأخير لمصرف لبنان حامل الرقم 165 والسماح بإدخال الدولارات التي بين الأيادي وفي الخزائن الخاصة الى النظام المصرفي، مؤكدة أن مليارات الدولارات تنتظر تطبيق هذا التعميم، وبينها أموال غير معروفة المصدر التشغيلي السليم أو النظيف. وبالتالي فإن القطاع المصرفي اللبناني أمام خطر تبييض للأموال بأحجام كبيرة، إلّا إذا غضّ الأميركيون الطرف على أساس أن تلك “ضريبة لا بدّ منها” للحؤول دون توسّع اقتصاد الكاش في لبنان، على أن يصار لاحقاً الى تدقيق في الحالات النافرة التي يشتبه في أنها تبييض للأموال وتمويل للإرهاب وفق التصنيفات الأميركية.