وسط أجواء الصدمة والعجز والإحتقان لدى اللبنانيين، يتواصل انهيار العملة الوطنية مقابل الإرتفاع الصاروخي للدولار في السوق السوداء، على إيقاع انهيار غير مسبوق في معادلة الإستقرار والأمن الإجتماعي. ومع تخطّي سعر الدولار عتبة المئة ألف ليرة في اليومين الماضيين، فقدت الليرة اللبنانية قيمتها مئة بالمئة، إذ يكشف رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، أن “التعامل بالليرة، شبه متوقف منذ فترة، موضحاً أن اللبنانيين يستعملون الليرة كوسيلة دفع فقط، ولم يعد أي لبناني يحتفظ بالليرة أو يقوم بتخزينها، بل الجميع يحمل في جيبه الدولار ويعمد إلى تحويله إلى الليرة لدفعها في السوبرماركت أو محطات البنزين أو المطاعم والمحلات التجارية، والتي بدورها تقوم مجدداً بتحويل الليرة إلى الدولار، وتعمل على التخلص منها لأنها لا تثق بقيمتها بعد اليوم”.
وعليه، يوضح الدكتور مارديني لـ”ليبانون ديبايت”، أن “استخدام الليرة يتمّ في المحلات التجارية أو في المطاعم حيث يحصل المواطن على سعر مجحف للدولار، أي أقلّ من السعر في السوق الموازية”.
وإذ يحصر مارديني استخدام الليرة بهذه الحالات فقط، يؤكد أنه عندما يلتزم الجميع بأسعار صرف موحدة، فإن الليرة ستختفي من التداول ولن تعود لدى أي كان المصلحة باستخدام الليرة اللبنانية وحتى الموظف الذي يقبض راتبه بالليرة والذي يعمد على الفور لتحويل راتبه إلى الدولار قبل أن يخسر قيمته، وهو ما نسمّيه اليوم “الهروب من أمام الليرة”.
ورداً على سؤال حول كيفية الحدّ من انهيار الليرة، يؤكد الدكتور مارديني، أن “استرداد الثقة بالليرة ولجم انهيارها يكون فقط، عبر التوقف عن طبع المزيد من الليرات، إلاً أنه يشير إلى أن هذا الأمر لن يحصل، علماً أن التوقف عن طبع الليرة هو إصلاح نقدي مهم، لأنه يجمّد انهيار سعر صرف الليرة ويلجم ارتفاع الدولار ويؤمّن الحلول بنسبة كبيرة للأزمة الإجتماعية، بعدما بات اللبنانيون فقراء وانهارت قدرتهم الشرائية مع انهيار عملتهم الوطنية”.
وعن مصير حاملي الليرة، يقول مارديني، إن كل مواطن ما زال يحصل على راتبه بالليرة هو “المظلوم” في لبنان اليوم، ويمثّل الحلقة الأضعف ويدفع الثمن الباهظ للأزمة.
أمّا لجهة خارطة طريق الحلول لهذه الأزمة، فيتحدث مارديني عن عدة حلول تؤمن إنقاذ لبنان والليرة ولجم الدولار، وأبرزها:
- وقف طباعة الليرة والحدّ من التصرف باحتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية، أي أن يتوقف المركزي عن طبع الليرة وعن ضخّ الدولار.
- الدولرة الشاملة، أي إذا كان حجم الكتلة بالليرة المتداولة في الأسواق اليوم هو 85 مليار ليرة، يتمّ شراءها وتحويل كل العقود إلى الدولار أي أن يصبح الدولار العملة الوطنية.
- الدولرة المقنّعة، ولكن بدلاً عن شراء كل الليرات تتمّ تغطيتها وتلتزم الحكومة بعدم ضخّ الليرة من دون تغطية بالدولار عبر إنشاء مجلس النقد، على أن تلتزم الحكومة بعدم ضخّ الليرة من دون تغطية بالدولار.