كتب شربل الصيّاح في موقع JNews Lebanon
لا شكّ أنّ ما قام به المحقق العدلي طارق البيطار من إجتهاد قانوني بناء على سابقة قانونية قام بها المرحوم فيليب خيرالله عندما كان رئيساً للمجلس العدلي ، فِعل شجاع.
و لا شكّ أيضاً أنّ ما قام به المدّعي العام التمييزي من إخلاء سبيل و إدّعاء و إحالة المحقق العدلي إلى التفتيش القضائي يكمن في خانة النّكد السياسي.
عندما لا يترك قيادات و صحافيين و مسؤولين من قوى ٨ أذار مقابلة تلفزيونية أو خطاب في تجمّع حزبي إلّا و يشنّون هجوما سياسيا على التحقيق و المحقق العدلي بشخصه و يتّهمونه بالتعامل مع ” السفارات ” و ” الإمبريالية ” العالمية و لا سيّما إتّهام أهالي الضحايا و الشهداء بالمتاجرة بالقضية و البعض الآخر بالتعامل أيضاً مع السفارات و أحياناً مع العدو الصهيوني الغاشم ، يراودني مشهد ٨ أذار ٢٠٠٥ عندما قامت القيادات عينِها بتقديم الشّكر للنظام السّوري على ما قام به في لبنان و باللبنانيين .
منذ نشأتها تسعى هذه القِوى و على رأسها حزب الله إلى تعطيل قِيام دولة فعليّة و قضاء مستقلّ و مؤسسات تحمي اللبنانيين و تؤمّن لهم الرخاء السياسي ، الإقتصادي و الإجتماعي.
عمليّاً مشكلة حزب الله ليست مع القاضي بيطار . مشكلة حزب الله هي مع قضية تفجير مرفأ بيروت بحدّ ذاتها ، لأنّه يعلم تماماً أنّ لولا وجوده كتنظيم مسلّح خارج إطار الشّرعية و المؤسسة العسكرية لم يكن يحصل ما حصل في ٤ آب.
إذاً ، حزب الله يرفض أن يُستكمل التحقيق في هذه القضية و يعتبر كل من يساهم في هذا الملف متعامل مع أعدائه.
و إذا كان حريصاً لمعرفة الحقيقة فما هو طرحه البديل؟
البند السابع من إتفاق مار مخايل ؛ المسألة الأمنية : نشدّد على أهمية استمرار التحقيق وفق الآليات المقررة رسمياً وصولاً الى معرفة الحقيقة فيها، التي هي أمر لا يمكن إخضاعه لأي مساومة، باعتباره الشرط الضروري لإحقاق العدالة وإنزالها بحق المجرمين، ولوقف مسلسل القتل والتفجير.
دعم حزب الله الآليات المقررة رسميّاً من الدّولة في قضية إغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
و عند صدور قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بإدانة عناصر تابعة له في عملية الإغتيال اتّهم المحكمة الدّولية بالتعامل مع أعدائه.
ناهيك عن ردّة فعل بيئته بتعليق صور المُدان و توزيع ” البقلاوة ” للتضامن مع ” البطل ” الذّي نفّذ العملية.
لماذا حزب الله هو السدّ المنيع لقيام دولة لبنانيّة فعليّة؟
و هنا المفارقة السياسية ، منذ إغتيال الشهيد رفيق الحريري وصولاً لإغتيال الشهيد لقمان سليم كانت أصابع الإتهام تقع على المسيطر على الوضع الأمني. من الطبيعي جدّاً ان يكون هو المشتبه فيه كونه يفتخر بتنظيمه الأمني و العسكري المدعوم من الجمهورية الإسلامية في إيران.
و كانت ردّات فعله دائماً تكون بإعلان أنّ الذي يتهمه بقتلهم يريدون إستهدافه سياسيّاً ، فيحمي نفسه بتخوينهم أو بإستخدام كاتم الصّوت .
لكنّ حدث تفجير مرفأ بيروت لم يحرّك أي مسؤول أو قيادي في حزب الله ليطرح معادلة ” الكيان الصهيوني المؤقت ” .
هذا المؤشّر يدلّ أنّ كل من يستهدف حزب الله هو بالضّرورة عميل صهيوني ، و كل من يستهدف لبنان و اللبنانيين ليس بالضّرورة عدوّ .( فكّر ، ٨ أذار ٢٠٠٥ )
مسألة وجود حزب الله مرتبطة بضعف الدّولة عموماً و المؤسسة العسكرية خصوصاً .
أليس هو صاحب نظريّة ” عندما يكون الجيش قادراً سنسلّم السلاح؟ “.
حزب الله لا يعنيه لبنان .
و لن يساهم في قيام الدّولة الفعليّة .
و إذا قررنا أن نختصر مشروع حزب الله يكون عنوانه : ” De L’État de Droit au Droit à L’État ”
سيظلّ حزب الله يتّهم المحقق العدلي بالتعامل مع ” السفارات ”
و لن يطرح أي بديل أو مخرج لمصلحة أهالي الضحايا أو لمعرفة الحقيقة.
المسألة ليست من أوصل البلد إلى الانهيار أكثر ما هي من يمنع قيام البلد من الانهيار.
تشخيص المشكلة أصبح حاجة و الحلّ يحتاج إلى جرأة.
الذّي يحصل منذ
الأمس، يجب أن يكون فرصة و دافع للمطالبة بتحقيق دولي، بتطبيق القرارات الدّولية أكان من خلال مؤتمر دولي خاص بلبنان حسب طرح البطريرك أو من صحوة عسكرية شرعيّة ، سيادية داخلية.
أما إذا بقي الحال كما هو ، فيجب على اللبنانيين التفكير جدّياً بالنموذج القبرصي.