قرار وزير المال يوسف الخليل القاضي باستيفاء الرسوم الجمركيّة على السلع المستوردة بالليرة اللبنانية، بنسبة 50% نقداً كحدّ أدنى، و50% بموجب شيك مصرفي كحدّ أقصى، لاقى اعتراض الهيئات الإقتصادية والصناعيين والمستوردين، ما دفع الوزير للتهّمل بتطبيق القرار، بعد أن كان قد طلب العمل به بدءًا من 17/1/2023.
أولى تداعيات القرار على المواطنين تمثلت بتلويح السوبر ماركات بوقف قبول البطاقات المصرفية كوسيلة معتمدة للدفع بنسبة 50%، بحيث أصدرت نقابة أصحاب السوبر ماركت بياناً اعتراضيًّا، أعلنت خلاله أنّها سوف تضطر آسفة لوقف قبول البطاقات المصرفية، في حال تطبيق هذا القرار.
نقيب أصحاب السوبر ماركت نبيل فهد وفي اتصال مع “لبنان 24” لفت إلى التأثير غير المباشر للقرار على السوبر ماركات “تبلغنا من الصناعيين والمستوردين أنّهم لن يكونوا قادرين على أن يقبضوا منّا عبر الشيكات المصرفية في حال طُبّق القرار، بالتالي نحن بدورنا لن نعود قادرين على قبول البطاقات المصرفيّة من الزبائن في هذه الحال، بحيث يتعذر على أصحاب السوبر ماركت استخدام الأموال المقبوضة عبر البطاقات المصرفية، لدفع الرسوم وما يترتب عليهم للموردين نقدًا”.
أضاف فهد “تواصلنا مع وزير المال وكان اتفاقٌ مساء الخميس على تجميد التطبيق بانتظار انتهاء المشاورات مع الهيئات المعنيّة بالقرار. ونحن بدورنا لم نقم بأيّ تعديل بشأن طريقة الدفع في السوبرماركت، ولا زلنا نعتمد البطاقات المصرفيّة بنسبة 50% من قيمة الفاتورة. بأيّ حال نحن من مصلحتنا أن نبقي التعامل بالبطاقات المصرفية ليتمكن المستهلك من الإنفاق، ولكن ذلك متوقف على طريقة دفعنا للضرائب وفواتير المستوردين، في حال أبقوا على الشيكات نُبقي على القبض بالبطاقة، والعكس صحيح”.
نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي تحدث لـ “لبنان 24” عن جملة إشكاليات يثيرها قرار الماليّة القاضي بالقبض نقدًا “في مقدمها المعطى الأمني في عملية نقل الأموال، إذ أنّ فواتير الجمارك تقدّر بمليارات الليرات يوميًّا، بالتالي كيف يمكن للمستوردين أو الصناعيين نقل أكياس من الأموال لدفعها يوميًّا إلى الجمارك. بالمقابل كيف يمكن للجمارك أن تستوعب هذا الحجم من الأموال يوميًّا، فلنعتبر أنّ كلّ تاجر أو صناعي دفع أربعة مليارات، بنهاية اليوم تصل حصيلة الرسوم إلى 500 مليار ليرة، أين ستضع إدارة الجمارك هذه الأموال؟ وكيف سيتم تأمينها أو تأمين نقلها؟من ناحية ثانية لا يمكن لنا تأمين كلّ المبالغ نقدًا”
هناك استحالة بتطبيق القرار بوجود إشكاليات أمنية ولوجستية تعيق تطبيقه، وفق بحصلي، مشيرًا من ناحية ثانية إلى التداعيات الأشمل لقرار وزارة الماليّة “إذا كانت الدولة لن تعترف بالليرة الموجودة في الحسابات المصرفيّة ولن تقبل الشيكات، فهذا يعني التحوّل نحو اقتصاد نقدي بالكامل. في هذه الحال لا يمكن للمواطنين استخدام ما تتيحه التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان لجهة السحب الشهري من حساباتهم، والقاضية بإعطاء جزء من الكوتا المسموح بها نقدًا وإبقاء جزء للإستخدام عبر الدفع بالبطاقة المصرفيّة، لأننا كمستوردين عندما سندفع نقدًا سنرفض القبض عبر شيكات من زبائننا، وأيضا سترفض السوبرماركت الدفع عبر البطاقات وتطلب الدفع نقدًا”.
قرار وزير المال قيد المتابعة من قبل الهيئات الإقتصادية التي تعقد اجتماعات متواصلة بغية التوصل إلى حلّ. في السياق اعتبر الأمين العام للهيئات الإقتصادية نقولا شماس في اتصال مع “لبنان 24” أنّ مفاعيل القرار كارثيّة “بموجبه لن يتمكّن اللبنانيون من تسييل ليراتهم العالقة في المصارف، وذلك سيكون بمثابة هيركات على 42 ألف مليار ليرة، أي حجم الودائع بالليرة في المصارف، بحيث سيتعذر تسييلها، وبموجب قرار السلطة المالية سيتعذر تنفيذ تعاميم السلطة النقديّة”.