كتب محمد المدني في ليبانون ديبايت
مع كل ما يشهده الملف الرئاسي من تطورات ومناورات داخلية وخارجية، يبدو واضحاً أن الدور السنّي في هذا الإستحقاق ضعيفٌ كي لا نقول غائباً كلياً، وكأن النواب السنّة غير معنيين بانتخاب رئيس للجمهورية يستوفي الشروط المطلوبة وطنياً. وإذا كان غياب النواب السنّة عن الإستحقاق مقصوداً من باقي الأطراف فهذه مصيبة، أمّا إذا كان الغياب ناتجاً عن ضعف النواب وقلة خبرتهم فالمصيبة أعظم.
يتحرك ملف رئاسة الجمهورية على طاولة الموارنة من جهة والشيعة والدروز من جهة أخرى، وهذا واقع طائفي فرضه النظام القائم ولا بدّ من وضعه في إطاره الحقيقي. الجانب السنّي يسجل حضوراً خجولاً مقارنةً بالآخرين. الشيعة لديهم التوقيع الأقوى على ورقة الإنتخابات الرئاسية وهي “الميثاقية”، لذلك يُعدّ الثنائي الشيعي أبرز اللاعبين على الساحة “الرئاسية” ومن دونهما لا رئيساً للجمهورية ولو بعد 4 أعوام.
الموارنة حاضرون بقوة عبر “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية” والكتائب. وقد نجح رئيس التيار البرتقالي جبران باسيل، بفرض نفسه ممراً إلزامياً لأي رئيس جديد، واستطاع أن يفرض نفسه داخل أي تسوية دولية أو محلية.
القوات والكتائب والنواب المستقلون، لديهم دوراً واضحاً أيضاً، وبإمكانهم تعطيل جلسات الإنتخاب ومنع محور الممانعة من إيصال مرشحه ولو كان لديه أكثرية 65 صوتاً. لكن وقوفهم خلف ترشيح النائب ميشال معوض أفقدهم القدرة على التحرك وباتوا مُجبرين به حتى إشعار آخر.
درزياً، يلعب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط دوره على أكمل وجه. يدعو بيك المختارة إلى الحوار رئاسياً تمهيداً لتكويعة ليست بعيدة، وفي جعبته أكثر من إسمٍ جدي غير معوض. لكن جنبلاط يتنظر الظرف المناسب للإنتقال إلى مرشّح آخر من الممكن إيصاله إلى بعبدا.
جميع اللقاءات الكبرى التي تحصل لمناقشة الاستحقاق الرئاسي تُسجل غياباً للسنّة، البعض يعتبر أن السبب هو عدم وجود زعيم أو مرجعية سنية وهذا صحيح، والبعض الآخر يعتبر أن سببه، عدم إدراك النواب لمسؤوليتهم في هذا الإستحقاق المصيري وهذا صحيح أيضاً.
إن تشتّت الصف السني على أبواب استحقاقات هامة، يصبّ في مصلحة رجل واحد فقط، هو رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري الذي قد يستفيد من هذا الوضع ليستعيد الضوء الأخضر بالعودة إلى لبنان وممارسة العمل السياسي بذريعة إعادة التوازن المفقود في المعادلة السياسية وحفاظاً على الدور السنّي المعطل منذ أيار الماضي.
منذ قُرع جرس الإنتخابات الرئاسية والنواب السنّة بسوادهم الأعظم غير قادرين على لملمة صفوفهم إلاّ في بعض المناسبات الإجتماعية كتلك التي يعقدها النائب فؤاد مخزومي الذي يريد استغلال هذه اللقاءات للإيحاء أنه قادر على جمع زملائه، وهذا غير صحيح على الإطلاق.
السنيّة السياسة اليوم، ليست بحاجة إلى رجل يركض وراء أحلامه المستحيلة، بل تحتاج إلى رجال يغلّبون المصلحة العامة على المصالح الشخصية ويمارسون السياسة من منطلقٍ وطني يتخطى حدود الطائفة ومناصبها. وفي حال لم يلتئم النواب السنّة لما فيه خير الوطن وشعبه فأبواب العودة ستُشرّع أمام سعد الحريري.