كتبت مهى حطيط في الشرق
أكثر من 6 مليارات دولار دخلت لبنان في فصل الصيف من السياحة، بحسب تقديرات رسمية. لكن معظم هذه الأموال لم تدخل القطاع المصرفي؛ “بسبب عدم الثقة”، كما قال الخبير الاقتصادي وليد بو سليمان لـ”الشرق”.
أدخلت حملة “أهلاً بهالطلّة” السياحية إلى البلاد 6.6 مليار دولار، خلال فترة الـ90 يوماً التي امتدّت من أول يونيو إلى نهاية أغسطس، جرّاء قدوم نحو 1.6 مليون زائر إلى لبنان.
خرج من هذه الأموال نحو 2.5 مليار دولار؛ “وبقي حوالي 4.1 مليار دولار “في فلك الاقتصاد اللبناني”، وفقاً لوزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، خلال إطلاقه الحملة الترويجية للسياحة الشتوية، مقدّراً أن تستقطب 700 ألف زائر، للفترة من بداية ديسمبر 2022 إلى منتصف يناير 2023، ما سيولّد للبلد إيراداتٍ تناهز 1.5 مليار دولار.
فرصة ضائعة مجدداً؟
الإيرادات السياحية التي حققها لبنان خلال موسم الصيف تجاوزت ضعف المتوقّع، حيث كانت تُشير التوقعات إلى تحقيق 3 مليارات دولار كحدّ أقصى، معظمها ناتج عن زيارة المغتربين اللبنانيين المنتشرين حول العالم لبلدهم الأم خلال عطلة الصيف.
رغم ذلك، فالوضع الاقتصادي لم يشهد تحسناً ملحوظاً، بالنسبة للمواطنين على الأقل. وينوّه وليد بو سليمان بأن “كل هذه الأموال لم تدخل الجهاز المصرفي، لكن زاد الادخار”. موضحاً بأن “الأموال التي جنتها القطاعات السياحية، كالفنادق والمطاعم وشركات المواصلات، والمواطنين ادخروها ولم يدخلوها إلى المصارف لأنه لا ثقة بالجهاز المصرفي”.
ويتابع الخبير الاقتصادي: “لا شك أن إيرادات السياحة حرّكت العجلة الاقتصادية، لكن ليس اقتصاد الدولة لأن الدولار لم يدخل بكامل الدورة الاقتصادية”.
بلال أرناؤوط، مدير مجموعة فنادق لانكستر في بيروت، أفصح لـ”الشرق” أن “معدل الإشغال في فنادق العاصمة بلغ 70% إلى 80% خلال موسم الصيف، وحالياً يتراوح ما بين 50% إلى 55%، وهذه نسبة جيدة بالنسبة لموسم الشتاء وبالمقارنة مع السنوات الأخيرة، والمؤشرات إيجابية استناداً لحجوزات شركات الطيران”.
غير أنه في ظلّ الأزمة السياسية التي تتجلّى بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، والاقتصادية بفعل تأخُّر إقرار خطة التعافي، والمالية نتيجة جمود المفاوضات مع صندوق الدولي، توحي المؤشرات أن مليارات الدولارات السياحية التي تتدفق إلى لبنان سيكون لها انعكاس محدود على الدورة الاقتصادية، والمواطنين، ومرشّحة لتكون فرصة جديدة ضائعة على اقتصاد البلاد المنهك.
يعاني لبنان من انهيار مالي على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، عندما تحوّلت عقود من سوء الإدارة والفساد إلى أزمة متزامنة: مصرفية، وتخلُّف عن سداد ديون دولية، وانهيار بسعر صرف العملة. وانكمش الاقتصاد اللبناني 60% منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، بموازاة امتناع المصارف عن إعطاء المودعين أموالهم بالدولار. وتراجعت الليرة بأكثر من 95% من السعر الرسمي، ليتم تداولها بالآونة الأخيرة عند حدود 38 إلى 40 ألف ليرة للدولار في السوق السوداء.
لكن في تشرين الاول توصّل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق تاريخي بشأن ترسيم حدودهما البحرية بمنطقة غنية بالغاز في البحر الأبيض المتوسط، بعد شهور من الجهود الدبلوماسية بوساطة أميركية، ما ولّد بارقة أمل للبنانيين بشأن تحسن الوضع الاقتصادي، وإن لم يكن على المدى القريب.