أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في آخر إطلالة تلفزيونية له ان “الموجودات الخارجية للبنك المركزي هي 10 مليار و300 مليون دولار، قابلة للتعاطي معها في الخارج ،عدا عن الذهب”. وأضاف: “هذا لا نسميه احتياطا الزامياً إنما موجودات خارجية يمكن ان نتصرف بها في الخارج على ميزانية هي 15 مليار و200 مليون، اي هناك قدرة على تحريك 10 مليار و300 مليون خارجيا.
وأفيد مؤخرا ان احتياطي مصرف لبنان ارتفع 379 مليون دولار في نهاية شهر تشرين الأول، فما هي الأسباب التي أدت لهذا الارتفاع؟
يشير الخبير المالي والاقتصادي الدكتور بلال علامة إلى ان “ارتفاع احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية هو تقريبا بـ 370 مليون دولار وقد تكون هذه العملية نتيجة ما يُسمى بـ “اقفال مراكز” أي ان تعاميم مصرف لبنان السابقة التي ألزمت المصارف استعادة أجزاء من الأموال التي أخرجت من لبنان بالإضافة إلى رفع الرساميل وعوامل أخرى حاول من خلالها مصرف لبنان ان يسهل الأمور للقطاع المصرفي قد أدت إلى بعض التدفقات التي دخلت إلى حسابات مصرف لبنان وأودعت في الاحتياط.”
وقال علامة في حديث لـ” لبنان 24″: “من الطبيعي أيضا ان يتعاطى مصرف لبنان مع سوق الدولار الموازية من خلال شركات تحويل الأموال، وهو من خلال هذه الشركات يغذي منصة “صيرفة”احتياطيا ببعض النقود بالدولار الأميركي وبالتالي هذه التراكمات رفعت الاحتياطي بمعدل 370 مليون دولار “.
واعتبر ان “هذه العملية خففت من الإنفاق ومن عمليات تسرب الدولار إلى خارج خزائن مصرف لبنان وساهمت في الوقت نفسه بتحسين أوضاع المصارف وشركات الصيرفة الأمر الذي أدى إلى ارتفاع موجودات مصرف لبنان”.
وهنا لا بد من التذكير ان قبل الأزمة المالية التي اندلعت في خريف 2019 بلغ حجم الاحتياطي الأجنبي في مصرف لبنان نحو 30 مليار دولار.
10 مليارات دولار في منازل اللبنانيين!
من جهة أخرى، قدّر مسؤولون عن المالية العامة في لبنان وجود نحو 10 مليارات دولار على الأقل في منازل اللبنانيين، وهو رقم يزداد بشكل مستمر، ويوازي أو يفوق الأموال الموجودة في احتياطات مصرف لبنان، والتي قدرت أخيراً بنحو 10.8 مليار دولار.
ويقول مسؤول مصرفي إن نحو ملياري دولار فقط هو ما يبقى كرقم وسطي في المصارف، وهي عبارة عن أموال يحتاجها التجار والصناعيون لتأمين شراء البضائع من الخارج.
وفي هذا الإطار، يشرح علامة ان “رقم الـ 10 مليار دولار المتداول قد يكون أكثر أو أقل بقليل، فهذه التقديرات تشمل الدورة المالية للاقتصاد “الأسود” الذي هو يشمل فعلياً التهريب والتعاملات خارج إطار المؤسسات الرسمية والتي لا يُصرّح عنها حسب الأصول وهي بالتالي تشكل دورة مالية كبيرة”.
وتابع: “إذا تم احتساب حجم السيولة بالليرة اللبنانية الذي وصل تقريبا إلى 70 ألف تريليون بأوائل تشرين الأول فمن المؤكد في المقابل ان هناك كوتا نقدية بالدولار موجودة في السوق اللبناني لأن هذه الأموال خرجت من النظام المصرفي والمالي وأودعت لدى اللبنانيين في الخزنات وفي الصناديق وبدأوا يستثمرون فيها كاقتصاد نقدي بعيداً من رقابة الأجهزة الرسمية”.
وأشار إلى انه “انطلاقا من تعميم مصرف لبنان الأخير الذي أعلن فيه انه سيقوم ببيع الدولار عبر منصة “صيرفة” والتوقف عن شرائه ، فهذا الامر يدل على وجود كميات كبيرة من الدولار النقدي في التداول بالسوق وقد رأينا ان شركات شحن الأموال كانت ناشطة خلال المراحل الأولى من شهر تشرين الأول بنقل الدولار من لبنان إلى بلدان أخرى”، كما قال.
هل تشكّل هذه الأموال اقتصادا رديفاً؟
يجيب علامة: ” جزء كبير من الأموال سلك طريقه نحو ما يُسمى الحركة النقدية cash economy بعد الأزمة التي مرّ بها النظام المالي في لبنان وبالتالي فان الأموال التي كانت محجوزة لدى المصارف استطاع البعض سحب جزء منها ، والأموال التي تأتي من الخارج تخزن عن طريق “الكاش” ربما في الخزنات وربما مودعة كاستثمارات نقدية ولدى الصيارفة”، مشيراً إلى ان “الاقتصاد الرديف هو جزء من هذه الأموال”.
ولابد من الإشارة إلى ان الخبراء والاقتصاديين يشددون على ضرورة الاسراع بتطبيق خطة التعافي الاقتصادية التي تشمل إضافة إلى تعزيز الوضع المالي إعادة هيكلة المصارف لإعادة ثقة المواطن اللبناني مُجدداً بنظامه المالي والاقتصادي التي تزعزعت نتيجة الأزمة المالية التي تُعتبر الأسوأ بتاريخ لبنان.