كتب داني حداد في موقع mtv:
يشهد الاستحقاق الرئاسي مراوحةً يبدو محسوماً أنّها ستستمرّ لأشهرٍ إضافيّة، ولا يُعرف بعد كيف ستنتهي، ومتى، ولماذا؟ فالجلسات تتكرّر، والكلام يتشابه، والتوافق يغيب، الى أن يحصل خرقٌ ما يبقى، حتى كتابة هذه السطور، بعيد المنال أو، إن شئنا الدقّة، غير ناضجٍ بعد.
وبانتظار الخرق الفعلي القادر على تغيير المشهد الانتخابي رئاسيّاً، بدأ يتردّد كلامٌ عن ضرورة حصول تواصل بين التيّار الوطني الحر والقوات اللبنانيّة للوصول الى مساحة مشتركة بين الحزبَين، خصوصاً أنّ واقع الانقسام البرلماني وعدم وجود سيطرة لفريق على نصاب الثلثين، يحتّم توافقاً بين كتلتين كبيرتين هما على خصومة، وذلك لتأمين النصاب من جهة ثمّ تأمين ٦٥ صوتاً لمرشّحٍ من جهة أخرى.
وتشير المعلومات الى أنّ كلاماً سُجّل في هذا الصدد بين النائب ستريدا جعجع ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، على هامش الجلسة النيابيّة الأخيرة. كما أنّ النائب سيمون أبي رميا أطلق موقفاً لافتاً أمس في كلامه عن الحاجة الى مدّ الجسور بين “التيّار” و”القوات”، مستبعداً وصول رئيس لا يوافق عليه الحزبان.
الحاجة ماسّة إذاً لإعادة إحياء المصالحة المسيحيّة ولو لغاياتٍ رئاسيّة توافقيّة، علماً أنّ المصالحة صنعت إنجازاتٍ كثيرة في عمرها الصغير، من الإتيان برئيسٍ ممثّل مسيحيّاً الى إقرار قانون انتخابات صحّح التمثيل المسيحي. كان ذلك قبل أن يختلف الكبار على الصغائر ويباعد بينهما ملفّ الكهرباء ويسقط الاتفاق، وتشتعل جبهات التخاطب من جديد.
ويحتاج كلام ستريدا جعجع، ثمّ كلام أبي رميا، الى ترجمةٍ عبر خطواتٍ عمليّة، علماً أنّ البرلمان يشكّل ساحةً للتواصل بين نوّابٍ من التكتّلين حول الملف الرئاسي، ولو أنّه يبقى، حتى الآن، في حدّه الأدنى.
وربما يحتاج تبادل النيّات الى مبادرةٍ من البطريرك الماروني لجمع ممثّلين عن الفريقَين، بعيداً عن الإعلام، خصوصاً أنّ إمكانيّة جمع جبران باسيل وسمير جعجع ليسة متاحة اليوم ولا حتى في المستقبل القريب.
وحتى ذلك الحين، سيتكرّر المشهد: جلسات بلا نتيجة، وسجالٌ دستوريّ عقيم، وتعطيل نصاب… الى أن يصنع الله أعجوبةً ما، فيوقظ ضمائر ما تزال نائمة، تحت قبّة البرلمان.