لا يقتصر القلق ممّا ينتظر لبنان في الساعات المقبلة، وتحديداً بعد 31 تشرين الجاري، على احتمالات ترجمة التهديدات والإنذارات بالفوضى السياسية والدستورية، بل إن القلق يتخطّى الواقع السياسي والدستوري وحرب الصلاحيات الدستورية بين الرؤساء، إلى الواقع الأكثر إيلاماً لكل اللبنانيين من دون استثناء وهو الواقع الإجتماعي، وانهيار الليرة ومعها القدرة الشرائية لدى المواطنين مقابل الإرتفاع الدراماتيكي في سعر صرف الدولار والذي لم ينجح البيان الأخير لمصرف لبنان المركزي في لجمه، نتيجة غياب الثقة وتأخير الإصلاحات والتصعيد السياسي.
وفي الوقت الذي يكثر فيه الكلام عن البلبلة والفوضى، لا يخشى اللبنانيون إلاّ حصول انهيارات جديدة في الليرة وارتفاعات دراماتيكية لسعر صرف الدولار في السوق السوداء. وقبيل ساعات معدودة من نهاية العهد الحالي، تبدو الإهتمامات مركّزة على مشهد التقلبات في سعر صرف الدولار، في ضوء المخاوف المتنامية من سيناريو مالي مفاجىء يخالف توقعات الخبراء كما المسؤولين.
رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، لاحظ أن الوضع الإقتصادي الحالي “هو وضع سيء جداً ولن يتغيّر باتجاه إيجابي، إلاّ في حال انطلاق مسار إصلاحي جديد”. وبالتالي فالصورة وعلى المدى الزمني الطويل، تشير إلى أن الإنحدار بسعر صرف الليرة وارتفاع سعر صرف الدولار هو السيناريو الذي سيسود وسيستمر في المرحلة المقبلة وبمعزلٍ عن التطورات السياسية”.
وكشف الدكتور مارديني ل”ليبانون ديبايت”، أنه من الممكن تسجيل بعض التراجع في سعر الدولار في السوق الموازية كما حصل أخيراً، وذلك بسبب تدخّل مصرف لبنان المركزي في هذه السوق، كما توازياً من الممكن تسجيل ارتفاعات في السعر، وقد تكون أسرع من الوتيرة الطبيعية التي شهدها لبنان خلال الأشهر الماضية، وذلك أيضاً بسبب تدخّل المركزي في السوق.
ورداً على سؤال حول ما سيحصل في الأيام المقبلة، أوضح مارديني، أنه ولدى مراقبة تطور سعر الدولار منذ العام 2019 إلى اليوم، فإن الإرتفاع يتمّ بوتيرة تصاعدية، ولكن ذلك لا يعني أن الإرتفاع في المستقبل سيحصل دفعةً واحدة بل وفق نمطٍ بطيء وهذه الوتيرة مستمرة منذ العام 2019، وقد ترتفع أحياناً أو تتباطأ أحياناً أخرى بسبب ضخّ الدولار من قبل المصرف المركزي والذي قد يكون تأثيره مرحلياً وآنياً، ويطال فقط التقلبات الآنية لسعر الصرف في الأسواق، أي أن التأثير لايدوم أكثر من أسابيع معدودة أو شهرٍ واحد، لتعود بعده الوتيرة الطبيعية للسعر وهي التصاعدية والتي تستمر اليوم وغداً وبعد نهاية العهد وخلال الشغور الرئاسي وبعد انتخاب رئيس جديد طالما أن ما من إصلاحات قد تحققت.
ومن هنا، اعتبر الدكتور مارديني، إن “ما هو أهمّ من الأحداث السياسية التي تحصل، هو القرارات بتنفيذ الإصلاحات، التي يجب أن تحصل ولكنها لا تحصل”.