كتب داني حداد في موقع mtv:
يقوم الممثل توم كروز، في سلسلة أفلام “المهمة المستحيلة”، بالكثير من الأمور الخارقة. في السينما إن أراد المخرج فعل، أما في الرئاسة اللبنانيّة فتتداخل عوامل وتأثيرات كثيرة، ولا يُكتب للمهام المستحيلة النجاح غالباً.
اختار النائب ملحم الرياشي مهمّة مستحيلة. جمع عدداً من الإعلاميّين على “ترويقة”، وبين الزعتر والكرواسان راح ينظّر لفكرته: أرشّح سمير جعجع لرئاسة الجمهوريّة. قالها وأوضح أنّ الترشيح يأتي بمبادرة منه، من دون علم جعجع ومن دون قرار من تكتل الجمهوريّة القويّة. لا بل هو سيعمل على إقناع أعضاء التكتل بالترشيح.
ابتكارٌ رياشيٌّ آخر أن يرشّح نائبٌ رئيس حزبه من دون أن يكون الأخير قرّر ذلك. لا بل أنّ نائب المتن دافع مطوّلاً عن فكرته في مواجهة قصف الأسئلة التي شكّكت، بواقعيّة، بحظوظ جعجع الرئاسيّة.
لماذا ترشّحه ما دام وصوله مستحيلاً؟ سئل الرياشي، فاستفاض بالشرح وقال إنّه “طبيعيّ” وهو “حقّ”، واستفاد من مظهره الكهنوتي ليستوحي من آياتٍ إنجيليّة، فقال إنّ جعجع لن يأتي ليكمّل بل لينقض.
وكشف الرياشي أنّه يتواصل مع نوّاب التغيير، وسيلتقي بعضهم اليوم الخميس، وسيعمل على إقناعهم بخياره، مشيراً الى أنّه “لا يجوز دخول المعركة الرئاسيّة إلا بمرشّح من مستوى جعجع الذي يملك ميزة الخبرة، فهو بنى دولةً حين حكم جزءاً من لبنان في زمن الحرب”.
هل يمكن لجعجع أن يفوز في الانتخابات الرئاسيّة؟ الجواب طبعاً لا. فالأمر غير وارد إذا احتسبنا عدد الأصوات النيابيّة التي سينالها، كما أنّ حزب الله لا يمكن أن يسمح بوصول خصمه السياسي الأول.
وعلى سيرة الخصومة بين “الحزب” و”القوات”، لا بدّ من التوقف عند ما قاله الرياشي: لا يستطيع أحدٌ أن يحاور حزب الله من موقع الندّ إلا “القوات”، ويمكن أن يبدأ هذا الحوار إن وصل جعجع الى الرئاسة. إنّها رسالة الى حزب الله الذي، إن وصل رئيسٌ وسطيّ، فلن يحتاج لمخاطبته لأكثر من تكليف معاون الحاج وفيق صفا.
وإذ يفنّد الرياشي المواصفات التي يجب توفّرها في الرئيس المقبل، يصل الى خلاصة مفادها أنّ هذه المواصفات لا تنطبق إلا على رجلٍ واحد يُدعى سمير جعجع.
يبدو ما قاله الرياشي في خانة الأحلام القوّاتيّة الورديّة. هي مهمّة مستحيلة، وهو ليس توم كروز. ولكنّه ملحم الرياشي، ويبرع في ابتكار المبادرات، كساحرٍ يُخرج أشياء من قبّعته. يبقى انتظار كلام جعجع، وهو سيقول كلمته الرئاسيّة الفاصلة في “قدّاس شهداء المقاومة اللبنانيّة” في ٤ أيلول. فهل يُعلن حينها ترشّحه أم يسلك خيار دعم مرشّح آخر؟