كتب داني حداد في موقع الMTV
في اليوم الأول لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهوريّة التقطت له صورة وهو يتوسّط جميع أفراد عائلته. بعض من في الصورة ما عادوا يزورون القصر منذ فترة طويلة. بعضهم الآخر يزورون فقط جناح الرئيس. ابتعد البعض، من العائلة ومن المقرّبين، وأُبعد البعض الآخر. آخر المُبعدين يشكّل مفاجأةً كبرى.
ما كان يتوقّع أحدٌ أن تتوتّر العلاقة بين الرئيس عون ومستشاره الأول الوزير السابق سليم جريصاتي. كان الأخير اليد اليمنى للرئيس التي استعان بها مراراً في سنوات الرئاسة لحلّ الأزمات والبحث عن مخارج قانونيّة، أو ابتكارها أحياناً. كان جريصاتي الرجل الخفيّ حيناً، والظاهر في غالبيّة الاجتماعات وحتى الكاثوليكي الوحيد الجالس على طاولة حوار جمعت زعماء الطوائف.
حصل ذلك كلّه لسببين: كفاءة المحامي المحنّك، وثقة الرئيس عون برجلٍ قدّم له خدمات كثيرة، سياسيّاً وشخصيّاً، فردّ له الجميل بمنحه حقيبة وزارة العدل، وهو من أكثر من يعرف كواليس القضاء والقضاة، ومشاربهم السياسيّة والشخصيّة ومن يتأثّر بمن وبماذا.
ولكن، حصل ذلك كلّه أيضاً، من دون حماسة رئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي لم يجمعه ودٌّ يوماً مع جريصاتي، وهو يعبّر عن ذلك في بعض مجالسه الخاصّة وينزعج من صيت وسلوك أحد المقرّبين من جريصاتي، علماً أنّه قَبِل بالأخير وزيراً على مضض. في المرة الأولى بسبب إصرار الرئيس لردّ الجميل، وفي المرة الثانية كسلاحٍ رئاسي في وجه الوزير المسمّى حينها من القوات اللبنانيّة كميل ابو سليمان، ليقارعه قانونيّاً ودستوريّاً على طاولة مجلس الوزراء.
وعلى بعد أقلّ من ثلاثة أشهر على انتهاء العهد، يبدو أنّ باسيل نجح في إبعاد رجلٍ آخر من محيط الرئيس عون، هو سليم جريصاتي الذي بدأ، منذ فترة، تهميش دوره الاستشاري والتنفيذي، وصولاً الى منعه من حضور أحد الاجتماعات التي كان حضوره طبيعيّاً فيها. مُنع من الدخول الى مكتب الرئيس، ففهم الرسالة، وغاب عن الحضور الى قصر بعبدا منذ أيّام.
ربما تكون علاقة جريصاتي بالرئيس عون انتهت هنا، وربما تكون غمامة صيف، ولكن الأرجح أنّها ليست كذلك، خصوصاً أنّ المستشار الأول غير موافق على الكثير من القرارات والخطوات الرئاسيّة التي يقف وراءها باسيل.
هو صراع محيط الرئيس في نهاية العهد، قبل أن ينتقل عون الى الرابية من جديد. هناك لن نجد جريصاتي، بالتأكيد، حاضراً في الاجتماعات يدوّن ويشارك ويعطي رأيه الاستشاري. لن يدعه جبران باسيل يقوم بهذا الدور.
في الشطرنج “كشّ ملك”، وفي بعبدا “كشّ مستشار”… وهو ليس المقرّب الأول، وقد لا يكون الأخير.