كتب ابراهيم ريحان في اساس ميديا
يُراهن الجميع على ربع السّاعة الأخير في ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل. يتسابق الكلّ قبل الأوّل من أيلول موعد بدء تل أبيب باستخراج الغاز من حقل كاريش.
في لبنان لا يريد حزب الله أن يقع في فخّ المواجهة العسكريّة التي لا يريدها ولا يتحمّل نتائجها داخليّاً ودوليّاً.
أمّا إسرائيل، فهي الأخرى لا تريد حرباً. إذ تُواجه أزمة سيّاسيّة داخليّة أخذتها نحوَ انتخابات تشريعيّة جديدة قد تقلب موازين السّلطة مرّة جديدة في سابقةٍ سيّاسيّة في الكيان العبريّ. يُضاف إلى ذلك رغبة تل أبيب البدء بتصدير الغاز إلى أوروبا في “راحة بال” على حدودها الشّماليّة.
تشير المعلومات التي حصلَ عليها “أساس” من مصادر رسميّة في العاصمة الأميركيّة واشنطن إلى أنّ ملف الترسيم يشهدُ حراكاً في الكواليس، مُعاكساً تماماً لكلّ الأجواء “السّلبيّة” التي تخرج إلى العلن بين لبنان وإسرائيل.
تتمنّى المصادر الأميركيّة أن تكون زيارة الوسيط الأميركي في ملف التّرسيم آموس هوكستين إلى لبنان، مبدئيّاً أواخر الشهر الجاري، هي الأخيرة قبل توقيع الاتفاق النّهائي. ويشير المصدر المسؤول إلى دورٍ وصفه بالكبير تلعبه دولة قطر التي انتقلت إلى أراضيها المُفاوضات النّوويّة بين إيران والولايات المُتحدة والمجموعة الدّوليّة.
يكشف المصدر أنّه في حال عاد آموس بجوٍّ إيجابيّ من لبنان الأسبوع المُقبل، فإنّه من المتوقّع أن تزور مساعدة وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشّرق الأدنى باربرا ليف المنطقة منتصف شهر آب المُقبل لترعى توقيع الاتفاق النّهائيّ بين بيروت وتل أبيب في النّاقورة.
لا يُخفي الأميركيّون خشيتهم من “تسلّلٍ روسيّ” إلى الملف لمحاولة تعطيل الاتفاق الذي يريح تل أبيب في تصدير الغاز الطّبيعيّ إلى أوروبا كأحد بدائل الغاز الرّوسيّ. يزيدُ هذه المخاوف أنّ موعد بدء إسرائيل استخراج الغاز هو شهر أيلول، أي بداية الشّتاء في النّصف الشّماليّ من الأرض، و”الصرخة” الأوروبية التي تنتظرها موسكو.
لم يكشف المصدر تفاصيل الاتفاق الذي لم تكتمل جميع أركانه بعد، ويُعرب في الوقت عينه عن خوفه من “الشياطين التي تكمن في التفاصيل الصّغيرة”. ويقول إنّ الجانبيْن، أي بيروت وتل أبيب، قطعا شوطاً مُهمّاً، وكلاهما يريد الانتهاء من الملف قبل بداية شهر أيلول، وإلّا سيكون التصعيد سيّد الموقف بلا شك.
يُلمّح المصدر إلى أنّ لبنان سيحصل على الإعفاء الأميركيّ من عقوبات قيصر بما يخصّ استجرار الكهرباء الأردنيّة والغاز المصريّ عبر الأراضي السّوريّة. بكلام آخر، فإنّ زيادة ساعات التغذية الكهربائيّة ستكون إحدى “الجزرات الأميركيّة” للبنان في حال أتمّ الاتفاق البحريّ مع إسرائيل.
تُؤكّد معلومات “أساس” أيضاً أنّ ملفّ الترسيم كان حاضراً في لقاءات هوكستين الذي رافقَ الرّئيس الأميركي في جولته قبل أسبوع في الكيان العبريّ.
من جهة أخرى، بات معلوماً أنّ إدارة الرّئيس جو بايدن لا تريد حرباً أخرى في أيّ بقعةٍ في العالم وخصوصاً في الشّرق الأوسط مع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
مسيّرات “التوقيع”؟
كشف مصدر مُطّلع لـ”أساس” أنّ إيران أطلقت يد حزب الله في الكامل بملفّ ترسيم الحدود البحريّة، وعليه باتَ الحزب مُرتاحاً للتّحرّك بما يراه مناسباً للسّاحة اللبنانيّة، بعيداً عن تعقيدات الاتفاق النّوويّ.
هي المسافة الأخيرة. قد يقطعها لبنان وتكون أوّل خطوة جدّيّة في طريق النّجاة، إلّا أنّ تأخير التوقيع إلى ما بعد الأوّل من أيلول يعني أنّ لبنان سيدخل في عين عاصفةٍ ستكون رياحها عاتية. فهل وصلَ اتفاق ترسيم الحدود إلى خاتمةٍ سعيدة؟
وحدها زيارة باربرا ليف ستكون الجواب.
وكشفت مصادر أنّ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اجتمع بهوكستين في جدّة على هامش القمّة، فماذا حمل المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم معه من لقائه بالكاظمي في بغداد قبل يومين؟