جاء في جريدة “الأنباء” الإلكترونية
ملف ترسيم الحدود البحرية لا يزال يراوح مكانه، فيما المسيّرات من الجانب اللبناني، وحتى ليل أمس، كانت لا تزال تستمر بتوجيه الرسائل التصعيدية خلافاً للأجواء التي يجب أن ترافق المفاوضات، لتواصل الدولة صمتها مجددة التأكيد أنها ليست صاحبة القرار. المشهد هذا عبّر عنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بشكل واضح وصريح، مؤكداً أنه “طالما لم نتوصل إلى وضع خطة دفاعية، حيث يصبح لاحقاً سلاح حزب الله بالتنسيق مع الدولة اللبنانية وتحت إمرة الدولة، نعم قرار الحرب والسلم مع حزب الله وإيران، وربما دخلنا في الحرب الروسية الأوكرانية لأن كلام السيد حسن نصرالله كان واضحا، “لا للغاز في البحر الأبيض المتوسط”، ما يعني أنه يجيب الغرب ويقول لن تستطيعوا أن تعوضوا نقصان الغار الروسي من البحر الأبيض، إسرائيل أو غيرها من المواقع، ولبنان ذهب مع الريح”.
إلا أن جنبلاط وجّه دعوة للصمود والتحدي رغم سواد المرحلة التي يعيشها اللبنانيون، ورغم اعترافه بأن “لا أفق”، لكنه شدد على “وجوب ألا نستسلم كما يفعل بعض مراكز الأبحاث في أميركا التي تقول إن “لبنان بيد حزب الله”، نعم قرار السلم والحرب بيد حزب الله، لكن هناك لبنانيين ليسوا أبدا مع هذا التوجه والدليل ما جرى في الانتخابات”.
في هذه الأثناء، البلد غارق في أزماته وأبواب الفرج ما زالت موصدة اقتصادياً ومعيشياً وحكومياً، ويتصدّر إضراب القطاع العام المشهد الداخلي في ظل الشلل الذي يسيطر على كل مفاصل الدولة. وفي هذا السياق ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي اجتماعاً وزارياً لوضع حد للإضراب وقد تم إقرار العديد من الخطوات التي تنتظر موافقة الموظفين عليها كي تسلك طريقها الى التنفيذ بعدما تم ربط التقديمات الجديدة من مساعدة اجتماعية ورفع بدل النقل بشرط أساسي وهو تأمين حضور لمدة يومين أسبوعياً للموظف.
رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر رأى ان طرح ميقاتي غير مقبول من الروابط ولا يفي بالغرض المطلوب. ودعا عبر “الأنباء” الالكترونية الى ضرورة إيجاد مقاربة شاملة تنطلق من إقرار القوانين الاصلاحية من قبل مجلس النواب ووضع خارطة طريق لبدء العلاج ابتداء من تنفيذ خطة النهوض الاقتصادي بعد مراجعتها من قبل الهيئات الاقتصادية، وإقرار قانون السرية المصرفية وقانون الكابيتال كونترول وقانون الشراء العام وقانون الموازنة العامة وقانون الأموال المنقولة والمحاسبة الجنائية واستقلالية القضاء.
وقال: “مجمل هذه القوانين تمهّد الى الاتفاق مع صندوق النقد بعد الوقوف على رأي العمال حتى لا تأتي النتيجة مجحفة بحق كثير من اللبنانيين، من دون أن ننسى قانون إعادة الودائع.
وفي ظل الشلل السياسي والاقتصادي بات السؤال الأهم هو ما مصير الملفات الحياتية الأساسية والتي باتت مهددة بشكل خطير جداً، والتي وصلت الى رغيف الخبز والتمهيد لارتفاع سعره بشكل كبير.
في هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي لويس حبيقة في حديث مع “الانباء” الالكترونية الى أن البلد سقط وانتهى وهناك حالة من ضياع بالقرارات المصيرية وبذات الوقت نجد الناس مستعجلة لتغيير هذا الواقع والدولة غير قادرة لفعل شيء، لذلك نحن نعيش في مأزق، والمعضلة أن البلد مشلول وهناك نوع من عدم المسؤولية وعدم الحس الوطني لدى المسؤولين.
واعتبر حبيقة أن لا حل لخروج لبنان من أزمته الا بالذهاب الى مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي وعودة المساعدات والاستثمارات العربية، داعياً النواب الى انتخاب رئيس جمهورية جديد وتشكيل حكومة تعيد الثقة بالبلد، متوقعاً في حال تم تمرير الاستحقاق الرئاسي بسلام أن يبدأ البلد بالانتعاش ابتداء من مطلع السنة الجديدة 2023، فالبلد لا يمكنه أن يستمر على هذا النحو.
من جهته، رأى الوزير السابق فادي عبود في حديث مع “الأنباء” الالكترونية أن مقاربة الملفات الحياتية تتم بطريقة مبهمة، سائلاً من يقرر إبقاء الدعم على البنزين ورفعه عن المازوت؟ فلو دعمنا المازوت لوفّرنا ١٥ في المئة وأدى ذلك الى خفض سعر ربطة الخبز واشتراك المولد وانتعاش الصناعة، معتبراً ان الموضوع الاقتصادي يتيم ولا أحد يهتم به، فالمسؤولين عن هذه القطاعات ليسوا أبناء مصلحة ولا خبرة لهم لا في الموضوع المالي ولا بالكابيتال كونترول ولا بغيره، فكلهم “مافيات” للأسف.
كل هذه الأزمات تثار فيما تتجه الأنظار العربية والدولية الى لبنان والى المسار الذي سيسلكه عشية الاستحقاق الرئاسي وما بعده، وأما رسالة الموفدين الى بيروت فباتت واضحة وتعاد وتُكرر في كل مرة، وهي الاصلاحات ثم الاصلاحات