في أمسيةٍ عامرةٍ بالمودّة والتلاقي، اجتمع عدد من أبناء الجالية اللبنانية وأصدقاء مؤسسة العرفان التوحيدية من الاغتراب في المملكة العربية السعودية، ضمن مبادرةٍ خاصة من أصدقاء العرفان حملت شعار “لقاء الأهل والأحبة”، وتهدف إلى توثيق روابط التواصل بين أبناء المؤسسة ومحبيها في الوطن والمهجر، وتعزيز حضورها الإنساني والتربوي العريق.
وجاء اللقاء ليُجدّد روابط الودّ والانتماء بين أبناء المؤسسة في الوطن والمهجر، ويؤكّد أن مسيرة العرفان لم تتوقف عند حدود التعليم، بل امتدّت لتكون رسالة حياة وقيم وتعاونٍ إنساني.
حضور نوعي وكلمات تعبّر عن الوفاء
تميّز اللقاء بحضور شخصيات اجتماعية وتربوية بارزة، في مقدمتهم سعادة السفير سلام الأشقر، إلى جانب مستشار رئيس مؤسسة العرفان ومدير العلاقات العامة الدكتور رامي عز الدين، ورئيس لجنة الاغتراب في المجلس المذهبي المهندس جمال الجوهري، وعددٍ من أعضاء الجالية اللبنانية وأصدقاء المؤسسة في المملكة.
وألقى السفير سلام الأشقر كلمة نوّه فيها بعطاءات ودور مؤسسة العرفان التوحيدية في غرس القيم النبيلة وصناعة الأجيال الواعية، مثمّنًا رسالتها التربوية والإنسانية التي امتدّت على مدى أكثر من نصف قرن. ودعا الأشقر الحضور إلى احتضان المؤسسة ومساندتها بكلّ الإمكانات، لأنّها – كما قال : “تستحق الوفاء لما زرعته من علمٍ وخلقٍ في نفوس طلابها وأبنائها على مرّ السنين”.
رسالة رئيس المؤسسة سماحة الشيخ نزيه رافع
وتخلل الحفل رسالة مكتوبة موجهة من قبل رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية سماحة الشيخ نزيه رافع إلى الحضور، تلاها عريف الحفل السيد فراس مكارم حملت مشاعر المودّة والاعتزاز بأبناء المؤسسة المنتشرين في أصقاع الأرض. عبّر سماحته في رسالته عن عمق الروابط الروحية التي تجمع العرفانيين بقيم التوحيد والمعرفة والإخلاص، مؤكداً أن أبناء العرفان في الاغتراب هم امتدادٌ حيّ لرسالة المؤسسة وأخلاقها.
وقال سماحة الشيخ رافع في رسالته: “أيها الإخوة الأعزاء، يا أبناء التوحيد في مملكة الخير، تخاطبكم العرفان اليوم بقلوبٍ مفعمةٍ بالمحبة والاعتزاز، وأنتم تمثّلون راية الوحدة ورسالة المشرق في بلاد الحرمين الشريفين، حامِلين معكم الانفتاح الراقي والتمسّك بالقيم التوحيدية والعربية والإسلامية”.
وأشاد سماحته بما تقدّمه المملكة العربية السعودية من احتضانٍ كريمٍ لأبناء لبنان، قائلاً: “نوجّه رسالة تقدير ووفاء إلى المملكة، قيادةً وشعبًا، على ما قدّمته من رعايةٍ واحتضانٍ للبنانيين المقيمين على أرضها، وعلى ما تمثّله من نموذجٍ في التطوّر والحداثة والعمل الإنساني والتنموي على مستوى العالمين العربي والإسلامي».
واختتم رسالته بالدعاء قائلاً: “من العرفان إليكم سلامٌ يفيض حبّاً واعتزازاً، ودعاءٌ صادقٌ بأن تبقوا مشاعل نور أينما كنتم، تنشرون القيم التي نؤمن بها: التوحيد، المعرفة، المحبة، والانتماء.
كلمة مستشار رئيس المؤسسة الدكتور رامي عز الدين
في كلمته، عبّر الدكتور رامي عز الدين عن اعتزازه بلقاء الجالية اللبنانية وأصدقاء العرفان في المملكة، ناقلًا تحيات رئيس المؤسسة سماحة الشيخ نزيه رافع، ومشايخ العرفان كافة، كما وجّه باسم المؤسسة تحية تقديرٍ إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، شاكرًا ما تقدّمه المملكة من دعمٍ واحتضانٍ دائمٍ للجاليات اللبنانية والعربية.
وتطرق الدكتور عز الدين في كلمته إلى العلاقات التاريخية بين مؤسسة العرفان التوحيدية والمملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أن هذه العلاقة ليست جديدة، بل تعود إلى عقودٍ من التعاون والثقة، حيث زار السفير وليد بخاري المؤسسة أكثر من مرة، وكان آخرها عام 2202 خلال احتفالٍ تربويٍّ كبير جمع عدداً من السفراء العرب والأجانب.
ثم استعرض الدكتور عز الدين مسيرة المؤسسة منذ تأسيسها عام 1971 على يد مجموعة من العلماء والمشايخ الذين حلموا ببناء مدرسةٍ صغيرةٍ في منطقة الشوف تحتضن أبناء المجتمع، مبينًا أن تلك البذرة الأولى تحوّلت اليوم إلى مؤسسة تعليمية واجتماعية كبرى تمتد على خمسة فروع: السمقانية، صوفر، حاصبيا، ضهر الأحمر، والبساتين. وأكّد أنّ المؤسسة تمكّنت من أن ترسم مسارا فريدا في التربية والتعليم قائماً على بناء الإنسان علمياً وأخلاقياً وروحياً.
وأوضح أن مؤسسة العرفان التوحيدية تضمّ اليوم نحو 5000 طالب وأكثر من 1000 موظف ومعلم، فيما يستفيد من خدماتها التعليمية والصحية والاجتماعية أكثر من 160 ألف شخص سنويًا. وأشار إلى أن نحو 400 طالب يتلقون تعليمهم مجانًا بالكامل، إضافةً إلى مئات المستفيدين من المنح الجزئية، ما يجعل أكثر من 40% من ميزانية المؤسسة مخصّصة لخدمة المجتمع ودعم ذوي الدخل المحدود.
وتحدّث عن مستشفى العرفان الذي تأسس عام 1981 كأول مستشفى في منطقة الشوف، ويقدّم اليوم آلاف الخدمات الطبية سنويًا، وعن المعهد المهني الذي يضم عشرات الاختصاصات التقنية الحديثة في مجالات الهندسة والتمريض والمحاسبة والرسم المعماري، ويمنح شهادات رسمية معترفًا بها من وزارة التربية والتعليم المهني.
كما أشار إلى انضمام العرفان إلى اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان، ومشاركتها الفاعلة في وضع الخطط التعليمية على المستوى الوطني، مؤكدًا أن المؤسسة اليوم تُعدّ ركيزة في التعليم الأهلي والمهني والإنساني في لبنان.
وقال الدكتور عز الدين: “مسيرة العرفان هي قصة إيمان بالإنسان، بدأت من الجبل اللبناني وامتدّت إلى قلوب أبنائها في كلّ أنحاء العالم. على مدى أكثر من خمسين عاماً، قدّمت المؤسسة نموذجاً متفرّداً في الجمع بين التربية والتعليم، بين الإيمان بالعلم والإخلاص في العمل”.
وأضاف: “لقد خرّجت العرفان آلاف الطلاب الذين أصبحوا اليوم وجوهاً مضيئة في مجالات العلم والطب والهندسة والإدارة، يحملون روحها في سلوكهم ومواقفهم. نحن اليوم نجتمع لنؤكد أن هذا النهج مستمرّ، وأن رسالة العرفان لا تعرف الحدود”.
كما أشاد بدور رئيس المؤسسة السابق المرحوم الشيخ علي زين الدين ورئيس المؤسسة الحالي سماحة الشيخ نزيه رافع في الحفاظ على النهج التربوي الأصيل، وتطوير مناهج المؤسسة بما يتلاءم مع تطورات العصر دون التفريط في القيم، مؤكداً أن دعم العرفان هو استثمار في بناء الأجيال وصون للهوية والقيم الإنسانية.
وقال في ختام كلمته: “العرفان لم تنشأ لتكون مدرسةً فقط، بل رسالةً من الناس إلى الناس، ومن الطائفة للطائفة، تقوم على العلم والمعرفة وخدمة الإنسان. نحن نحمل هذا الإرث من مشايخنا ومن مجتمعنا، ونعاهدكم أن نستمر في حمل هذه الأمانة ونبقى على عهد المحبة والعطاء”.
وختم بشكر خاصٍّ لمنسّق اللقاء الأستاذ حسن زيتوني على مبادرته في جمع الأحبّة، وعلى تأسيسه للجنة الاغترابية الداعمة للمؤسسة قائلاً: “نحن وإياكم يدٌ بيد، ونتطلع لرؤيتكم قريبًا في لبنان، لتزوروا مؤسستكم وتساهموا معنا في تطويرها والارتقاء بها نحو مزيدٍ من العطاء والتميز”.
كلمة منسّق اللقاء وصاحب مبادرة لجنة أصدقاء العرفان في الاغتراب الأستاذ حسن زيتوني
ومن جانبه رحّب الأستاذ حسن زيتوني بالحضور باسم أصدقاء العرفان، مؤكداً أن هذا اللقاء هو رسالة وفاءٍ للمؤسسة التي جمعتنا على القيم والمحبة والصدق والانتماء.
وقال: “لقد شكّلت مؤسسة العرفان التوحيدية مساحة تربيةٍ قبل أن تكون مساحة تعليم؛ تربّت فيها النفوس على الصدق والاحترام والانتماء للخير. ولهذا بقيت العرفان في ذاكرة كلّ من مرّ بها مدرسةً للروح قبل أن تكون صفوفًا وجدرانًا”.
وأضاف زيتون: “أنّ هذا اللقاء ليس مجرّد أمسية ودّ، بل انطلاقة عملية لتأسيس لجنة اغترابية لدعم مؤسسة العرفان تمتدّ من دول الخليج إلى سائر بلاد الاغتراب، بهدف تنظيم الجهود وتعزيز التواصل واستدامة العطاء.
وتوجّه زيتوني بتحيّة تقديرٍ إلى روح الشيخ علي زين الدين، وإلى سماحة الشيخ نزيه رافع الذي واصل المسيرة بثباتٍ وحكمة، مشيراً إلى أنّ العرفان تبقى في قلب كل مغتربٍ عرفانيٍّ أينما حلّ.
وختم كلمته موجهًا الشكر إلى جميع الحضور على استجابتهم لهذه المبادرة، وإلى الدكتور رامي عز الدين على حضوره الذي مثّل صلة الوصل بين المؤسسة وأبنائها ومحبيها في الخارج.
عرض فيلم وثائقي عن مسيرة العرفان
تخلّل اللقاء عرض فيلم وثائقي قصير قدّم لمحة مؤثرة عن مسيرة مؤسسة العرفان التوحيدية منذ تأسيسها عام 1971 حتى اليوم، عرَض أبرز محطّاتها التاريخية والإنجازات التربوية والاجتماعية التي كرّست مكانتها كمنارةٍ للعلم والأخلاق والتنوير.
ختام اللقاء
اختُتم اللقاء بتقديم درع تقديري عرفان لوفاء وجهود مؤسسة العرفان ورئيسها تسلمه الدكتور عز الدين.
وفي نهاية اللقاء تم تنظيم مأدبة عشاء جامعٍ شارك فيه الحضور في أجواءٍ من الألفة والمحبة، حيث تبادل الحضور الذكريات والقصص التي جمعتهم بمؤسسة العرفان، مؤكدين أهمية استمرار هذه اللقاءات التي تكرّس التواصل بين أبناء المؤسسة ومحبيها في المهجر وتؤكد رسالتها الإنسانية القائمة على العلم، الأخلاق، والانتماء.

