كتبت جويس الحويس في موقع JNews Lebanon
فبينما تعمل الرئاسة والسراي، تظهر في الكواليس قوى نافذة تضع ضوابط فعلية على ملفات الأمن والخارجية والقرار الاستراتيجي.
هذا الواقع يطرح سؤالًا جوهريًا: من يمسك بزمام القرار فعليًا؟ هل هي البنية الدستورية أم توازنات نفوذ موازية؟
حكومة نواف سلام: خطوات انفتاحية وسط قيود
منذ تسلّم الرئيس نواف سلام رئاسة الحكومة، بدا واضحًا أنّ نهجه يميل إلى الانفتاح الخارجي واستعادة ثقة المانحين والعمل على ملفات الإصلاح.
لكن المصادر الخاصة بموقع JNews Lebanon تكشف أن بعض قرارات الحكومة — لا سيما المتعلقة بملف السلاح والانتشار جنوب الليطاني — اتُّخذت دون تنسيق كامل مع شركاء تقليديين، ما أثار توترًا مكتومًا داخل أحجام السلطة.
السلطة الموازية: نفوذ يتخطى المؤسسات
هناك ما يُشبه «السلطة الموازية» في لبنان التي تُحسَم بها قضايا مصيرية أحيانًا. هذا النفوذ لا يظهر رسميًا لكنه يفرض نفسه عبر تحكمه في القرار الأمني والقدرة على التأثير في التوازنات السياسية.
مصدر أمني رفيع نقل إلى JNews Lebanon أن «القرار الأمني في بعض الملفات لا يزال مقسومًا بين المرجعيات السياسية التقليدية والفاعلين الميدانيين»، ما يحول عمل الدولة إلى إدارة توازن هشّ بدل سلطة موحدة. وقد أكد المصدر أن القرار الأمني لا يُتخذ بمفرده داخل غرفة مجلس الوزراء كما يعتقد البعض؛ هناك موازنات غير مكتوبة تُحدد المسارات.
الضغوط الخارجية وإعادة التموضع الدولي
في الوقت الذي تُحاول فيه السلطة الرسمية تعزيز شرعيتها، تزداد الضغوط الدولية من أوروبا والخليج ودول أخرى تشترط تطبيق إصلاحات أو خطوات عملية قبل استئناف الدعم الاقتصادي.
مصادرنا تشير إلى محادثات دبلوماسية غير معلنة تُجرى بين مسؤولين لبنانيين وسفراء غربيين تهدف إلى بلوغ صيغة تفاهم تُرضي المانحين من دون تفجير موازين محلية.
وبحسب المصادر فان الخارج يرغب في شريك لبناني موحّد، لكن الواقع المحلي يقدم نموذجًا مغايرًا، شريك متعدد الوجوه.
انعكاسات الازدواجية على السيادة والخدمات
ازدواجية القرار لا تقتصر على المجال السياسي والأمني، بل تنعكس سريعًا على قدرة الدولة على تقديم خدمات أساسية، توقيع عقود دولية، وإدارة أزمات اقتصادية تحتاج إلى قرارات سريعة وواضحة.
المواطن هو الخاسر الأول من تشظي القرار: بطانات حكم متضاربة، قرارات مؤجلة، وتباطؤ في تنفيذ مشاريع إنقاذية.
هل ثمة مخرج ممكن؟
الخروج من حلقة الازدواجية يحتاج إلى مزيج من إرادة سياسية داخلية وتفاهمات خارجية تحفظ كرامة وقرار لبنان.
المقترحات التي تُطرح في الكواليس تتراوح بين صيغة تفاهم وطني تُحدّد خطوطًا حمراء متفقًا عليها، إلى مبادرات دولية تُيسّر انتقالًا تدريجيًا لصالح مؤسسات الدولة مقابل ضمانات أمنية وسياسية للفواعل الأخرى.
- اتفاق داخلي على حدود تدخل الفاعلين الموازين في الشؤون الحكومية.
- آليات مراقبة شفافة للخطوات الأمنية والاقتصادية المدعومة دوليًا.
- خارطة طريق سياسية تقرّها الأطراف الرئيسية تضمن حماية مؤسسية وتهدئة ميدانية.
إن لم تُبادر القوى السياسية إلى صياغة تفاهم واضح وعملي، فإنّ «الازدواجية» ستستمر في تحويل الدولة إلى غلاف رمزي بينما تُدار القضايا الجوهرية وفق قواعدٍ موازية قد تصعب إعادة توحيدها لاحقًا.

