كتب ايلي مكرزل في JnewsLebanon
تجمعني صداقة كبيرة برالف س. معتوق، الكاتب والممثل الذي عوّدنا في أعماله السابقة مثل غرفة سعاد وبضاعة ناعمة على نصوص ذكية ومواقف لاذعة تنبض بالحياة. لذلك، عندما علمت أنّه سيطلّ هذه المرّة بعمل جديد بعنوان قبل آخر صفحة، من كتابة جورج درويش، إخراج مازن سعد الدين، وبطولته إلى جانب الممثلة مي سحاب، كانت التوقّعات كبيرة وربما أكبر من اللزوم.
العمل يبدأ بقوّة؛ المشهد الافتتاحي مشغول بعناية، فيه بصمة إخراجية واضحة من مازن سعد الدين، وأداء لافت من رالف ومي، اللذين نجحا في شدّ الجمهور منذ اللحظة الأولى. لكن سرعان ما يبدأ النص، الذي وقّعه جورج درويش، بالتلاشي تدريجيًا. فبعد انطلاقة واعدة، يدخل في زحمة المواضيع وكأنّه أراد أن يختصر الحياة كلّها في ساعة ونصف. الحب، الخيانة، المرض، الفقر، الوجع، الموت، الفلسفة، السياسة… كلّ شيء حاضر، وكان ينقص فقط الحديث عن شيرين عبد الوهاب وحسام حبيب لتكتمل الدائرة.
فكرة “المتاهة” التي شكّلت العمود الفقري للمسرحية جاءت جميلة جدًا، تحمل رمزية عن التيه الإنساني والبحث عن الذات، لكنّها لم تُستثمر بالعمق الكافي. ورغم بعض المواقف الكوميدية التي نجحت فعلًا في انتزاع الضحكة وتخفيف ثقل النص، إلا أنّ الإيقاع العام بقي متأرجحًا بين شدّ وجذب.
شخصيًا، كنت أتمنّى لو كتب رالف النص بنفسه، لأنّ تجاربه السابقة كانت أكثر صدقًا وتشبهه أكثر فيها سرعة بديهة، نَفَس نقدي ساخر، وجرأة في الطرح. قبل آخر صفحة أرادت أن تقول الكثير، لكنّها توقّفت قبل أن تكتب الجملة الأخيرة.

