وسط مؤشرات متزايدة على تفاقم الأوضاع المعيشية في لبنان، وتنامي معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي، تتصاعد التحذيرات من تداعيات اجتماعية خطيرة ما لم يتم تدارك الأزمة.
رئيس تجمع الشركات اللبنانية والخبير الاقتصادي باسم البواب، يشرح في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، طبيعة الأزمة وتفاصيلها وتداعياتها على الفئات الأكثر هشاشة.
ويقول البواب، في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”: “نعلم جميعاً أنّ لبنان، بعد الأزمة المالية والنقدية التي مرّ بها، عانى بشدّة على مختلف المستويات، ولا سيما في ما يتعلق بالوضع المعيشي والاجتماعي، ومن المعروف منذ سنوات أنّ نسب الفقر كانت مرتفعة خصوصًا في المناطق النائية والبعيدة عن بيروت، حيث يعيش العديد من العائلات تحت خط الفقر، أي بدخل يقلّ عن 4و5 دولارات في اليوم”.
ويرى أنه “اليوم مع الأرقام التي تشير إلى أنّ نحو 21% إلى 23% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، لا شكّ في أنّ هذه الدراسات دقيقة وتعكس واقعًا مقلقًا، إلا أنّه في المقابل، لا يمكن إغفال الدور الكبير الذي تلعبه المؤسسات الدولية والمحلية، إضافةً إلى مبادرات العائلات والمجتمع الأهلي، في الحدّ من تداعيات هذه الأزمة ومنع تفاقمها”.
ويلفت إلى أن “الدولة من خلال وزاراتها المختصّة، وعلى رأسها وزارة الشؤون الاجتماعية، تساهم ضمن الإمكانات المتاحة في هذا المجال، لكن العبء الأكبر تتحمّله المنظمات العاملة على الأرض، سواء كانت دولية مثل الصليب الأحمر، وبرنامج الأغذية العالمي، وبنك الغذاء، أو محلية مثل كاريتاس، ودار الأيتام، ودار العجزة، وسواها من الجمعيات التي تعمل في مختلف المناطق اللبنانية”.
ويوضح أن “الفارق بين نسب انعدام الأمن الغذائي الجزئي أو الكامل يرتبط غالبًا بنوعية الغذاء وكميته، إذ إنّ كثيرين يتمكّنون من تأمين الطعام، ولكن ليس بالقدر أو بالتنوّع الغذائي الكافي لضمان تغذية سليمة، ومن الطبيعي أن الأزمة الاقتصادية وتراجع قيمة الأجور انعكسا مباشرة على نوعية المأكولات المستهلكة، إذ تراجعت قدرة العائلات على شراء اللحوم والأسماك والدجاج، وحتى الخضار والفواكه التي باتت أسعارها مرتفعة جدًا مقارنة بقدرة أغلب الأسر، خصوصًا الكبيرة منها، في مناطق مثل عكار، الإقليم، الجنوب، والبقاع”.
ويضيف: “هناك بوادر إيجابية، إذ تستمر المساعدات بالوصول من دول صديقة مثل المملكة العربية السعودية والكويت وقطر ومصر والأردن، إضافة إلى المبادرات الداخلية من جمعيات وصندوق الزكاة ومؤسسات خيرية، ما يساهم في تخفيف حدة الأزمة”.
ويعتبر البواب، أنه “بالرغم من وجود فئات ما زالت تعاني من نقص في المساعدات أو لا تصلها بالشكل الكافي، فإنّ التضامن الاجتماعي والإنساني في لبنان ما زال يشكّل صمّام أمان حقيقيًا، فالمجتمع اللبناني، على عكس مجتمعات كثيرة”.