كتبت جويس الحويس في موقع JNews Lebanon
في لحظة سياسية حسّاسة يعيشها لبنان بين ضغوط الداخل واستحقاقات الخارج، حملت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة نقاشاً استثنائياً تمحور حول خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح بيد الدولة. خطةٌ طال انتظارها، وُضعت في ظل تصاعد التوترات على الحدود الجنوبية، وانقسام داخلي حاد حول سلاح حزب الله. وبينما اعتبرها البعض خطوة أولى نحو استعادة الدولة لقرارها السيادي، رآها آخرون مجرّد ورقة ضغط ظرفية قد تصطدم سريعاً بجدار التوازنات الطائفية والسياسية.
مضمون خطة الجيش
علم موقع JNews Lebanon من مصادر وزارية خاصة أنّ الجيش اللبناني عرض على مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة خطة متكاملة لحصر السلاح بيد الدولة، استناداً إلى تكليف سابق للحكومة في شهر آب الماضي.
وبحسب المعلومات التي توافرت لموقعنا، تتضمّن الخطة آلية تدريجية من ثلاث مراحل:
- مرحلة أولى تشمل ثلاثة أشهر، تركّز على منع انتشار السلاح جنوب الليطاني وحصر أي نشاط مسلّح في يد القوى الشرعية.
- مرحلة ثانية تمتد إلى مختلف المناطق اللبنانية، عبر تشديد الإجراءات الأمنية ومنع المظاهر المسلّحة.
- مرحلة ثالثة تهدف إلى جمع السلاح غير الشرعي عبر قنوات سياسية وأمنية، مع إعداد تقارير دورية تُرفع إلى مجلس الوزراء.
مصادر خاصة أكّدت لـ JNews Lebanon أنّ الجيش طلب من مجلس الوزراء منحه حرية تقدير الموقف الميداني في التنفيذ، خصوصاً في ما يتعلق بالجنوب حيث “العامل الإسرائيلي” لا يزال يشكّل تهديداً مباشراً لأي خطوة على الأرض.
انسحاب وزراء وغياب التوافق الكامل
الجلسة لم تمرّ بهدوء، إذ سجّل انسحاب خمسة وزراء شيعة (من حزب الله وحركة أمل) بالإضافة إلى وزير مقرّب من الخط نفسه، اعتراضاً على إدراج بند “حصر السلاح” على جدول الأعمال. ورأت هذه الكتلة الوزارية أنّ التوقيت “غير مناسب” في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر.
في المقابل، عبّرت غالبية مكوّنات الحكومة عن ترحيبها بالخطة، معتبرة أنها تترجم جوهر اتفاق الطائف والقرارات الدولية، لا سيما القرار 1701. وأوضح وزير الإعلام بول مرقص أنّ الخطة “ستبقى سرّية في تفاصيلها التنفيذية” حفاظاً على سلامة المؤسسة العسكرية، مشيراً إلى أن الحكومة ستتابع شهرياً ما يرفعه الجيش من تقارير.
موقف حزب الله
مصادر سياسية مطلعة كشفت لـ JNews Lebanon أنّ حزب الله يعتبر الخطوة “محاولة للضغط الخارجي”، لكنه لا يريد إغلاق الباب أمام الحوار. وأكد قيادي في الحزب لموقعنا أنّ “أي بحث في موضوع السلاح لا يمكن أن يسبق وقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحابها من الأراضي اللبنانية”.
بين السيادة والتوازنات
يرى مراقبون تحدّثوا لـ JNews Lebanon أنّ الحكومة حاولت أن تُمسك العصا من الوسط: فهي أعطت الجيش الضوء الأخضر للتحرك وفق خطته، لكنها لم تحدد مهلة زمنية صارمة للتنفيذ، في إشارة إلى مراعاة التوازنات الداخلية وعدم الذهاب إلى مواجهة مباشرة مع القوى الرافضة.
خطة الجيش تشكّل خطوة غير مسبوقة نحو تعزيز سيادة الدولة اللبنانية وحصر السلاح بيدها، لكنها تصطدم بعقبات سياسية وأمنية معروفة. نجاحها سيتوقف على مدى قدرة الجيش على تنفيذ المراحل الأولى وسط التحديات الإسرائيلية، وعلى مدى استعداد القوى الداخلية للتنازل عن أوراقها العسكرية لمصلحة الدولة.