رأى الكاتب والمحلل السياسي وجدي العريضي أن “ما جرى من حرب إيرانية – إسرائيلية كان بمثابة فيلم أميركي طويل، انتهى وفق السيناريو المرسوم له. ولو ألّف شكسبير مليون مسرحية، لما وصل إلى هذا السيناريو. لكن الأهم هو انتزاع لبنان موقفًا حياديًا موحدًا من الرؤساء الثلاثة، في سابقة لم تحصل في كل الحروب والأزمات التي شهدها البلد منذ ستينيات القرن الماضي، إذ كان دائمًا منخرطًا في لعبة المحاور. وهذا الموقف سيُبنى عليه في المرحلة المقبلة لدعم لبنان”.
وفي حديث إلى “ليبانون ديبايت”، أشاد العريضي بالموقف النبيل للبنان ومعظم قياداته السياسية في تضامنهم مع قطر، التي قدّمت للبنان الكثير، وأعادت إعمار ما دمّره عدوان تموز 2006. وأشار إلى أن هذا التضامن بدأ يتجلى أيضًا من خلال الدعم الكبير الذي حظي به وزير الأشغال فايز رسامني خلال زيارته إلى الدوحة، حيث جرى تقديم أحدث تقنيات البنى التحتية للمطار والمرفأ، على أن تُنفّذ قريبًا.
ولفت إلى أن الوزير رسامني يُعدّ من أبرز الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الأشغال، إذ لعب دورًا محوريًا خلال هذه الحرب، من خلال المتابعة اليومية والميدانية لما يجري في المطار، ورعاية المغادرين والقادمين، فضلًا عن جهوده في تحديث المطار على مختلف المستويات. وهو ما أكسبه، وبشهادة الكثيرين، تميزًا لافتًا في الأداء والمتابعة، ما يضفي بعدًا جديدًا على عمل الحكومة، في بلد غابت فيه المسؤولية واشتدّ فيه الفساد والمحاصصة والارتهانات.
وأضاف العريضي: “ما قاله النائب نبيل بدر عن موقف لبنان الشهم تجاه قطر هو ردّ جميل بمثله، لما قدّمته الدوحة للبنان ورعايتها المستمرة لشعبه. وهذا ينطبق أيضًا على دول مجلس التعاون الخليجي، التي وقفت إلى جانب لبنان في السرّاء والضرّاء. لذا، فإن التعاطي الإيجابي والحيادي، والموقف المتضامن مع قطر وسائر دول الخليج، يصبّ في مصلحة لبنان، ويأتي في لحظة مفصلية، خصوصًا أننا على أعتاب مرحلة إعادة إعمار”.
ورأى أن “ثمّة خطوات ستحصل رغم كل التحديات، لأن ما بعد هذه الحرب ليس كما قبلها، على صعيد التداعيات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، وكل ما أصاب استقرار الخليج الاقتصادي”.
وأشار إلى متابعة رئيس مجلس الجنوب، المهندس هاشم حيدر، لمسألة الإعمار، في ظل الدور الذي يؤديه المجلس في إزالة الردميات والركام، مؤكدًا أن كل التقارير باتت جاهزة لانطلاق ورشة الإعمار. وإن لم تكن الوتيرة سريعة، إلا أن هناك مؤشرات إيجابية، فالموقف اللبناني الحيادي يساهم في تحفيز هذه العملية، وكذلك الموقف الداعم لقطر الذي كان له أثر بالغ، ما يدلّ على أننا مقبلون على مرحلة جديدة على كل المستويات، وللمرة الأولى نتمكّن من البقاء بمنأى عن الصراعات الإقليمية، بعدما كنّا سابقًا دائمًا في “بوز المدفع”.
وأضاف، “توقّعوا خطوات مهمة في المرحلة المقبلة، فهناك إعادة هيكلة للمنطقة. وقد سبق أن حذّرت من الإرهاب وكل ما يجري، وهذا ما أصاب سوريا، حيث تنتشر الخلايا النائمة والمتطرفون. أما في لبنان، فهناك أجهزة أمنية قادرة على مواجهة هذه التحديات، من الجيش اللبناني إلى الأمن العام، الذي اضطلع، برئاسة اللواء حسن شقير، بدور كبير في هذا المجال. لكن لا بدّ من الحذر، فهذه الخلايا تتحرك، وتفجير الكنيسة في دمشق دليل على ذلك”.
وأشاد العريضي في الختام بدور الرابطة المارونية، عبر رئيسها الجديد المهندس مارون حلو، معتبرًا أن البيان الأخير الذي صدر عنها يُعدّ خطوة نوعية تحصل للمرة الأولى منذ سنوات، ما يشير إلى أن الرابطة بصدد لعب دور طليعي في المرحلة المقبلة، بفضل خبرة رئيسها السياسية وعلاقاته الطيبة مع مختلف المكونات اللبنانية.